للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التحليل:

وفي هذه الأبيات يعلن الشنفرى عن بعض مقومات الصعلكة التي لا تتوافر لكل صعلوك وهي سرعة العدو، وهي وإن كانت تتوافر في غيره إلا أن هذه الموهبة قد تحققت لديه بصورة جعلته مضرب المثل في ذلك حتى قيل: أعدى من الشنفري، أعدى من السليك بن السلكة، وقد ضرب مثلًا على سرعته وقدم دليلًا محسوسًا فهذه طيور القطا المعهودة بسرعتها بين الطيور يفوقها الشنفرى في عدوه، ويسبقها إذا سابقته في الوصل إلى الماء، فيشرب منه ويرتوي قبل أن تصل إليه، فإذا ما وصلت لا تجد إلا قليلًا من الماء وهو ما تبقى منه، فهو يسبقها مع إلحاح العطش عليها الذي يجعلها تضرب بجناحيها أحشاءها وتصلصل وهذا ما يريد في سرعتها ومع ذلك يتفوق عليها.

ثم يقول وحين بدأ السباق أدرك القطا الإعياء وبدا عليه التعب فأرخى أجنحته، بينما شمرت عن ساعد الجد فأصبحت متقدمًا عليها مع تمهلي في السير ثقة في السبق ويقينًا مني بعجزها عن ملاحقتي فكأنه ادخر الكثير من قوته ولم يبذل منها إلا ما يوفر له السبق ويضمن الفوز، فهو معجب بنفسه واثق من قدرته.

ثم يستطرد في وصف القطا ومدى ما ألم بها من الظمأ على عادته في استقصاء الوصف، فبعد أن ورد الماء وصدر عنه جاءت هذه الطيور تتساقط نحوه لا تملك لنفسها دفعًا لتروي عطشها، فتنغمس فيه

<<  <   >  >>