للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واشتد الجدل بين القوم وطال الحوار وعقدت الدهشة ألسنتهم, ثم قالوا: إن صوت الكلاب لم يستمر وإنما كان ضعيفا ثم نامت الكلاب بعد أن عوت صوت واحد لعلها قطاة روعت أو أصوات صقر مفزع فأحست الكلاب ذلك ثم سكتت، فالشاعر هنا يصف خفته وسرعته ومهارته.

ثم يعود إلى ما تخيله من حديث القوم عنه بعد غارته المفاجئة والتي تركت القوم في حيرة وتعجب من أمرهم، فقد تعودوا أن يقوم بالغارة عدد كبير, أما أن تكون بهذه الصورة ثم تترك هذه الآثار السيئة فذلك مالم يتعودوه وما يدعو إلى الدهشة، ترى هل هذا الطارق من الجن؟ إن كان كذلك فما أشده من مغير فقد بالغ في سوء صنيعه, وقد يكون من الإنس ولكن الإنس لا تستطيع أن تفعل فعله؛ فقد تركهم في دهشة بين أن يكون جنيا أو إنسيا، على أن أفعال الشنفرى أشبه بأفعال الجن ذلك ما خامر القوم، وربما وقع في أذهانهم أن الأمر قد يستمر على هذه الصورة، ولئن استمر في تلك الأفعال الخارقة، فهذا من شأنه أن يصيب القوم بالهلع والفزع.

ويفخر الشنفرى بتعرضه للحر الشديد الذي يشوي الوجوه والأجسام من الإنسان والحيوان فيقول: قد يمر به يوم من أيام الحر الشديد التي تطلع في الشعرى، وتنتشر آثار الحرارة في الفضاء حتى لا تكاد الأفاعي تستقر على رمضائه مع أنها نشأت في هذه البيئة وتعودت عليها، كنت أنا أنصب وجهي وأواجه هذا الحر ولفح الشمس

<<  <   >  >>