للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأن إرنانها إذا ردمت ... هزم بغاة في إثر ما فقدوا

٤ وبدءًا من البيت الرابع عشر وحتى التاسع عشر يلقانا أسلوب الفخر الذي يخلع فيه عن نفسه ثياب الخسة والضعف ولبس ثياب القوة وحسن التصرف وكمال الرجولة معتمدا في ذلك على الأسلوب التقريري الذي يقرر به الواقع, والذي يلجأ فيه إلى التصوير لتجسيد المعاني وإلباسها ثوبا أدبيا يجسمها في خيال السامع فيصور لنا الجبان في اضطرابه وتتابع دقات قلبه, كأن هذا القلب معلق في طائر يعلو به وينخفض, كأن فؤاده يظل به المكاء يعلو ويسفل, ولما كان الذعر لا يفارقه بل يستديم معه عبر بالفعل ظل ويعلو وينخفض؛ لأن ذلك يزيد من ضربات القلب؛ نظرا للحركة الشديدة والاهتزاز العنيف.

وفي البيت الأخير من هذه المجموعة يثبت لنفسه خبرته بدروب الصحراء ومسالكها التي لا حدود لها ولا معالم فيها, فلا يتحير فيها أو يضل حتى وهو يجتازها في ظلام الليل الحالك، بل يهتدي فيه كما تهتدي الشمس في فلكها, كما يقول تأبط شرًّا في حديثه عن الصحراء ٢:


١ سمحة: سهلة، زراة: مكان مشهور بصناعتها من أسد السراة، عدادها: صوتها، غرد: بعيد الصوت، إرنانها: صوتها، وردمت: الردم هيئة معينة في استعمال القوس، هزم: صوت، في أثر شيء فقدوه، فهم يطلبونه.
٢ حماسة أبي تمام جـ ١/صـ٤٩.

<<  <   >  >>