الآن لأنا دخلناها فألفيناها مسطحة وهي حفيلة الصنعة.
وكانت بمقربة من الدار التي نزلنا فيها دار جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ذي الجناحين.
وبجهة السفل وهو آخر البلد مسجد منسوب لأبي بكر الصديق، رضى الله عنه يحف به بستان حسن فيه النخيل والرمان وشجر العناب وعاينا فيه شجر الحناء وأمام المجد بيت صغير فيه محراب يقال: إنه كان مختبأ له رضي الله عنه من المشركين الطالبين له.
وعلى مقربة من دار خديجة رضى الله عنها المذكورة وفي الزقاق الذي الدار المكرمة فيه مصطبة فيها متكأ يقصد الناس إليها يصلون فيها ويتمسحون بأركانها لأن في موضعها كان موضع قعود النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن الجبال التي فيها أثر كريم ومشهد عظيم الجبل المعروف بأبي ثور وهو في الجهة إليمنية من مكة على مقدار فرسخ أو أزيد وفيه الغار الذي آوى إليه النبي صلى الله عليه وسلم مع صاحبه الصديق رضي الله عنه حسبما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز وقرأت في كتاب أخبار مكة لأبي الوليد الأزرقي أن الجبل نادى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إلي يا محمد! إلي يا محمد! فقد آويت قبلك نبيا. وخص الله عز وجل نبيه فيه بآيات بينات فمنها أنه صلى الله عليه وسلم دخل مع صاحبه على شق فيه ثلثا شبر وطوله ذراع فلما اطمأنا فيه أمر الله العنكبوت فاتخذت عليه بيتا والحمام فصنعت عليه عشا وفرخت فيه. فانتهى المشركون إليه بدليل قصاص للأثر مستاف أخلاق الطريق١ فوقف لهم على الغار وقال: ههنا انقطع الأثر فإما صعد بصاحبكم من هنا إلى السماء أو غيض به في الأرض ورأوا العنكبوت ناسجة على فم الغار والحمام مفرخة فيه فقالوا: ما دخل هنا أحد. فأخذوا في الانصراف.