للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن سبعين نبيا ماتوا فيها جوعا وكان عندهم رغيف فلم يزل كل واحد منهم يؤثر به صاحبه ويدور عليهم من يد إلى يد حتى لحقتهم المنية صلوات الله عليهم وعلى هذه المغارة أيضا مسجد مبنى وأبصرنا فيه سرجا تقد نهارا.

ولكل مشهد من هذه المشاهد أوقاف معينة من بساتين وأرض بيضاء ورباح حتى إن البلد تكادالأوقاف تستغرق جميع ما فيها وكل مسجد يستحدث بناؤه أو مدرسة أو خانقة يعين لها السلطان أوقافا تقوم بها وبساكنيها والملتزمين لها وهذه أيضا من المفاخر المخلدة ومن النساء الخواتين ذوات الاقدار من تأمر ببناء مسجد أو رباط أو مدرسة وتنفق فيها الأموال الواسعة وتعين لها من مالها الأوقاف ومن الأمراء من يفعل مثل ذلك لهم في هذه الطريقة المباركة مسارعة مشكورة عند الله عز وجل.

وبآخر هذا لجبل المذكور وفي راس البسيط البستاني الغربي من هذا البلد الربوة المباركة المذكورة في كتاب الله تعالى: مأوى المسيح وأمه صلوات الله عليهما وهي من أبدع مناظر الدنيا حسنا وجمالا وإشراقا واتقان بناء واحتفال تشييد وشرف وضع هي كالقصر المشيد ويصعد إليها على أدراج والمأوى المبارك منها مغارة صغيرة في وسطها وهي كالبيت الصغير وبإزائها بيت يقال: إنه مصلى الخضر صلى الله عليه وسلم فيبادر الناس للصلاة بهذين الموضعين المباركين ولا سيما المأوى المبارك وله باب حديد صغير ينغلق دونه والمسجد يطيف بها ولها شوارع دائرة وفيها سقاية لم ير أحسن منها قد سيق إليها الماء من علو وماؤها ينصب على شاذروان١ في الجدار متصل بحوض من رخام يقع الماء فيه لم ير أحسن من منظره وخلف ذلك مطاهر يجرى الماء في كل بيت منها ويستدير بالجانب المتصل بجدار الشاذروان.

وهذه الربوة المباركة رأس بساتين البلد ومقسم مائة ينقسم فيها الماء على سبعة أنهار يأخذ كل نهر طريقه وأكبر هذه الأنهار نهر يعرف بثورا،


١ الشاذروان: حائط صغير بجوار الجدار الأصلي لتقويته.

<<  <   >  >>