للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسائل فإنه لم يثبت شيئا من الصفات القائمة بنفسه، وإنما أثبت أحكام الصفات وأثبت الأسماء. والمعتزلة توافق على الأسماء والأحكام بل والفلاسفة أيضا توافق على إطلاق ما ذكره من الأسماء والصفات فلا يكون في هذا الاعتقاد فرق بين مذهب الصفاتية أهل الإثبات، كابن كلاب والأشعري وأتباعهما ولا بين المعتزلة كأبي علي وأبي هاشم وأبي الحسين البصري وأمثالهم، بل هذا الاعتقاد مشترك بين المعتزلة والأشعرية وغيرهم من الطوائف يبين هذا أنه لم يذكر في اعتقاده ما تتميز به الأشعرية عن المعتزلة ولا ذكر أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولا ذكر مسألة الرؤية، وأن رؤية الله جائزة في الدنيا واقعة في الآخرة، ولا ذكر أيضا مسائل القدر، وأن الله خالق أفعال العباد وإنه مريد للكائنات، ولا ذكر أيضا مسائل الأسماء والأحكام، وأن الفاسق لا يخرج عن الإيمان بالكلية، ولا يجب إنفاذ الوعيد، بل يجوز العفو عن أهل الكبائر، ولا ذكر مسائل الإمامة والتفضيل.

وكل هذه الأصول تذكر في مختصرات المعتقدات التي يصنفها متأخر والأشاعرة كالعقيدة القدسية لأبي حامد، والعقيدة البرهانية المختصرة من إرشاد أبي المعالي ونحوهما فضلا عن الاعتقاد الذي تذكره أئمة الأشعرية كالقاضي أبي بكر وذويه فإنهم يزيدون على ذلك إثبات الصفات الخبرية، وإثبات العلو وأمثال ذلك فضلا عن الاعتقاد الذي ذكره الأشعري في المقالات عن أهل السنة وأصحاب الحديث فإن فيه جملا مفصلة فضلا عمّا يذكره السلف والأئمة الكبار من الإثبات والتفصيل المبين للسنة الفاصل بينها وبين كل بدعة.

ولهذا كان أصحاب هذا المصنف مع انتسابهم إلى الأشعري إنما هم في باب الصفات مقرون بما تقر به المعتزلة ولا يقرون بما تقر به الأشعرية من الزيادات، وبحوث أبي عبد الله بن الخطيب تعطيهم ذلك فإن الوقف والحيرة ظاهر على كلامه في إثبات الصفات، ومسألة الرؤيا والكلام وأمثالها بخلاف مسائل القدر فإنه جازم فيها بمخالفة المعتزلة، وهذه الطريقة تشبه من بعض الوجوه طريقة ضرار بن عمرو وحسين النجار وأمثالهما ممن كان يقر بالقدر ولكنه في الصفات بين المعتزلة والأشعرية، أو تشبه طريقة الواقفية الذين كانوا يقفون في القرآن، فلا يقولون هو مخلوق ولا غير مخلوق.

وكلام أئمة السنة في ذم هؤلاء، وكلام متكلمة الصفاتية كالأشعري وغيره في ذلك مشهور معروف.

فإن قيل: فالمعتزلة لا تقر بمنكر ونكير، والصراط والميزان، ونحو ذلك ممّا ذكره هذا المصنف؟

<<  <   >  >>