للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه بيان الدليل الدال على ذلك قد لا يعلم دليلا يدل به غيره إذا لم يكن ذلك الغير شاركه في سبب العلم، وقد لا يمكنه التعبير عن الدليل إذا تصوره، فالدليل الذي يعلم به المناظر شيء، والحجة التي يحتج بها المناظر شيء آخر وكثيرا ما يتفقان كما يفترقان.

وليس هذا موضع بسط ذلك، وإنما المقصود التنبيه على تعدد طرق العلم بالنبوة، وغيرها وكلام أكثر الناس في هذا الباب ونحوه على درجات متفاوتة فيحمد كلام الرجل بالنسبة إلى من دونه، وإن كان مذموما بالنسبة إلى من فوقه إذ الإيمان يتفاضل، وكل له من الإيمان بقدر ما حصل له منه.

ولهذا كان أبو حامد مع ما يوجد في كلامه من الرد على الفلاسفة وتكفيره لهم، وتعظيم النبوة وغير ذلك ومع ما يوجد فيه أشياء صحيحة حسنة بل عظيمة القدر نافعة يوجد في بعض كلامه مادة فلسفية وأمور أضيفت إليه توافق أصول الفلاسفة الفاسدة المخالفة للنبوة بل المخالفة لصريح العقل حتى تكلم فيه جماعات من علماء خراسان والعراق والمغرب كرفيقه أبي إسحاق المرغيناني وأبي الوفاء بن عقيل والقشيري والطرطوشي «١» وابن رشد «٢» والمازري «٣» وجماعات من الأولين حتى ذكر ذلك الشيخ أبو عمرو بن الصلاح فيما جمعه من طبقات أصحاب


(١) هو الإمام العلامة القدوة الزاهد شيخ المالكية أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري الأندلسي الطرطوشي الفقيه عالم الإسكندرية ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، كان إماما عالما زاهدا ورعا، دينا متواضعا متقشفا متقللا من الدنيا، راضيا باليسير رحمه الله تعالى توفي سنة عشرين وخمسمائة.
انظر ترجمته في السير (١٩/ ٤٩٠) والعبر (٤/ ٤٨) وشذرات الذهب (٤/ ٦٢) والأنساب (٨/ ٢٣٥) ومرآة الجنان (٣/ ٢٢٥ - ٢٢٧).
(٢) هو الإمام العلامة شيخ المالكية قاضي الجماعة بقرطبة أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي كان فقيها عالما حافظا للفقه مقدما فيه على جميع أهل عصره عارفا بالفتوى بصيرا بأقوال أئمة المالكية، ناقدا في علم الفرائض والأصول من أهل الرئاسة في العلم والبراعة والفهم مع الدين والفضل والوقار والحلم والسمت الحسن والهدي الصالح.
عاش سبعين سنة وتوفي في سنة عشرين وخمسمائة.
انظر ترجمته في السير (١٩/ ٥٠١) وتذكرة الحفاظ (٤/ ١٢٧١) وشذرات الذهب (٤/ ٦٢) والعبر (٤/ ٤٧).
(٣) هو الشيخ الإمام العلامة البحر المتفنن أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري المالكي، ولد بمدينة المهدية من إفريقية وبها مات في ربيع الأول سنة ست وثلاثين وخمسمائة وله ثلاث وثمانون سنة.
انظر ترجمته في السير (٢٠/ ١٠٤) ووفيات الأعيان (٤/ ٢٨٥) والعبر (٤/ ١٠٠، ٢٠١) والنجوم الزاهرة (٥/ ٢٦٩) وشذرات الذهب (٤/ ١١٤).

<<  <   >  >>