للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشافعي وقرره الشيخ أبو زكريا النووي قال في هذا الكتاب: فصل في بيان أشياء مهمة أنكرت على الإمام الغزالي في مصنفاته ولم يرتضيها أهل مذهبه وغيرهم من الشذوذ في تصرفاته، منها قوله في مقدمة المنطق في أول المستصفى «١»: «هذه مقدمة العلوم كلها ومن لا يحيط فلا ثقة له بعلومه أصلا».

قال الشيخ أبو عمرو «٢»: وسمعت الشيخ العماد بن يونس يحكي عن يوسف الدمشقي مدرس النظامية ببغداد وكان من النظار المعروفين أنه كان ينكر هذا الكلام ويقول: فأبو بكر وعمر وفلان وفلان يعني أن أولئك السادة عظمت حظوظهم من الثلج واليقين ولم يحيطوا بهذه المقدمة وأسبابها، قال الشيخ أبو عمرو: قد ذكرت بهذا ما حكى صاحب كتاب الإمتاع والمؤانسة يعني أبا حيان التوحيدي أن الوزير ابن الفرات احتفل مجلسه ببغداد بأصناف من الفضلاء من المتكلمين وغيرهم وفي المجلس متى الفيلسوف النصراني، فقال الوزير: أريد أن ينتدب منكم إنسان لمناظرة متى في قوله: إنه لا سبل إلى معرفة الحق من الباطل والحجة من الشبهة والشك من اليقين إلا بما حويناه من المنطق واستفدناه من واضعه على مراتبه، فانتدب له أبو سعيد السيرافي وكان فاضلا في علوم غير النجوم وكلمه في ذلك حتى أفحمه وفضحه، قال أبو محمد: وليس هذا موضع التطويل بذكره.

قال الشيخ أبو عمرو: وغير خاف استغناء العقلاء والعلماء قبل واضع المنطق أرسطاطاليس وبعده عن معارفهم الجمة عن تعلم المنطق، وإنما المنطق عندهم بزعمهم آلة قانونية صناعية تعصم الذهن من الخطأ وكل ذي ذهن صحيح منطقي بالطبع قال: فكيف غفل الغزالي عن حال شيخه إمام الحرمين ومن قبله من كل


(١) وهو كتاب في أصول الفقه للإمام الغزالي رحمه الله تعالى.
(٢) هو الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن المفتي صلاح الدين عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري الموصلي الشافعي صاحب علوم الحديث. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة وطلب العلم على عدد من العلماء، وأفتى وجمع وألف وكان من كبار الأئمة.
قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله: كان ذا صلابة عجيبة ووقار وهيبة وفصاحة وعلم نافع، وكان متين الديانة سلفي الجملة صحيح النحلة، كافّا عن الخوض في مزلات الأقدام، مؤمنا بالله وبما جاء عن الله من أسمائه ونعوته، حسن البزة، وافر الحرمة، معظما عند السلطان.
توفي رحمه الله في سحر يوم الأربعاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
انظر ترجمته في السير (٢٣/ ١٤٠) والبداية والنهاية (١٣/ ١٦٨ - ١٦٩) وشذرات الذهب (٥/ ٢٢١) وتذكرة الحفاظ (٤/ ٤٣٠ - ٤٣٣).

<<  <   >  >>