للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ١.

من هذا كله نرى أن الإسلام قد حدد للإنسان عقيدة سليمة وغاية سعيدة، ثم حدد له نمطا سلوكيا في الحياة تتسق فيه العقيدة مع الغاية، وينسجم مع قوانين الحياة والدوافع الأساسية للطبيعة البشرية، وسوف يتبين هذا بصورة أوضح في الموضوعات الآتية، ثم إن هناك أمرا وهو أن الإسلام قرر أن من يسير في هذه الحياة وفقا لهذا النمط السلوكي الذي حدده هذا الدين سوف يسعد في هذه الحياة أيضا، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} ٢.

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} ٣، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} ٤، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من سعادة المرء حسن الخلق، ومن شقاوته سوء الخلق" ٥.

ويمكن أن نستخلص من هذا كله أن هدف الأخلاق في الإسلام هو السعادة، وماهية هذه السعادة في نظره تختلف من حيث الزمان والمكان، ومن حياة إلى أخرى فالسعادة في الحياة الدنيا ليست هي سعادة الحياة الأخرى، وإن الإسلام يستهدف تحقيق السعادة في الآخرة أكثر مما يستهدفها في الدنيا، ثم إن السعادة التي استهدفها أو أرادها لا تقتصر على جانب واحد، بل تشمل -كما رأينا- الجانب الروحي والعقلي والنفسي والحسي معا.


١ التوبة: ٧٢.
٢ النور: ٥٥.
٣ الليل: ٥-٧.
٤ الطلاق: ٢-٣.
٥ منتخب كنز العمال على هامش مسند الإمام أحمد جـ١ ص١٢.

<<  <   >  >>