للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسانية، ولهذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" ١.

ويجمع بين الأمرين قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} ٢.

ومن هنا دعا الإسلام إلى تجميل الباطن وتحسينه، فدعا إلى حسن الظن بالخالق كما دعا إلى حسن الظن بالمخلوق أو الناس بصفة خاصة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "حسن الظن من حسن العبادة" ٣، وقال راويًا عن ربه: "أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير، وإن شرا فشر" ٤، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} ٥، ثم دعا إلى الفأل ونهى عن التشاؤم والتطير، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا طيرة ويعجبني الفأل الصالح أو الكلمة الحسنة" ٦؛ لأن التشاؤم والتطير وسوء الظن من العوامل التي تؤدي إلى الكآبة والقلق وعدم راحة البال.

ثم إلى جانب دعوته نهى عن الأمور التي تجعل الحياة النفسية ظلاما قاتما، وتزيل عنها كل البشاشة والبهجة كالتباغض والتحاسد والحقد وما إلى ذلك من الرذائل النفسية، ولهذا قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا" ٧، وقد عد بعض علماء النفس هذه الرذائل الأخلاقية من الأمراض النفسية والاجتماعية.


١ فتح الباري بشرح البخاري جـ١، كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه ص ١٣٤.
٢ الأعراف: ٣٣.
٣ التاج جـ٥، كتاب البر والأخلاق، ص٧٢.
٤ الجامع الصغير جـ١ حرف الألف ص ٧٧.
٥ الحجرات: ١٢.
٦ التاج جـ٣، كتاب الطب، ص ٢٢١.
٧ رياض الصالحين، كتاب الأمور المنهي عنها، ص ٥٥٨.

<<  <   >  >>