بها سلوك الشعب نحو حكومته، وسلوك الحكومة نحو الشعب، أو الأفراد بعضهم تجاه بعض فيما يتعاقدون عليه، ولها صفتان مخالفتان لصفات القوانين الطبيعية والرياضية: الأولى أنها قوانين عملية تقرر ما ينبغي عمله وليس ما هو حاصل بالطبع، فهي إذن آمرة فقط، والثانية أنها اصطناعية أي: وضعية؛ لأنها لم تصدر عن طبيعة الاشياء، ولهذا فهي ليست ثابتة بل تتغير وتتعدل باختلاف الأزمنة والأمكنة وباختلاف الواضعين.
أما القانون الأخلاقي فيشترك مع هذه القوانين المدنية والمنطقية والطبيعية، فاشتراكه مع القوانين الأولى في الصفة الآمرية، أي: أنها تأمر بالفعل وليست مجرد صيغة تعبر عن واقع، واشتراكه مع الثانية في أنه معقول يأمر به العقل، فهو لذلك ضرورة عقلية، واشتراكه مع الثالثة في أنه يصدر عن طبيعة الإنسان ويعتمد على قوانين الحياة، فهو لذلك يشبه القانون الطبيعي الذي يعبر عن طبيعة معينة، ويتميز القانون الأخلاقي عن هذه القوانين بأنه ليس صارمًا كالقوانين الطبيعية المجبرة على الخضوع لسلطانها، بل إنه يعطي الحرية للإنسان في أن يخضع له أو يخالفه، وإن كان يعاقب المخالف بطريقة أو بأخرى١.
وهناك جانب آخر مشترك بين العلم والأخلاق وهو الكشف عن الخير والشر، وتزيد الأخلاق في البحث عن وسائل الإلزام بالخير والابتعاد عن الشر.
هذه المناقشة أفادتنا في بيان العنصر الموضوعي في القوانين الأخلاقية، وما لهذه القوانين من صفات تتميز بها عن غيرها وصفات أخرى تشترك فيها مع غيرها.
١ الفلسفة الأدبية أو علم الأخلاق، حنا أسعد، ص٥ وما بعدها.