للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفلسفية والدينية والاجتماعية١، ولهذا فإن هذا الجانب من الأخلاق لا زال غامضا، مفتقدا للتحديد ومتزعزعا غير ثابت على أسس متينة.

غير أن هذا وذاك لا يدلان على عدم وجود معيار موضوعي ثابت في ذاته، ومهما يكن من أمر وضع هذا المعيار فإنه موجود كفكرة عامة من غير تحديد في أذهان الناس من قديم الزمان إلى يومنا هذا، فمن قديم الزمان يعمل الناس تحت الواجب وما ينبغي، وإن كانوا لم يستطيعوا حتى اليوم تحديد هذا المفهوم المعياري وبالرغم من غموض هذا المفهوم وعموميته فإنه يساعد على التقدم في الحياة الحضارية والاجتماعية.

ومهما يكن أمر هذا الخلاف في موضوعية الأخلاق أو عدم موضوعية جانب منها على الأقل، وما يتبع ذلك من خلاف في علمانية الأخلاق أو عدم علمانيتها، فإن الأمر في نظري هو: أن الأخلاق علم يدرس ظاهرة السلوك الإنساني من حيث منابعه ودوافعه وغاياته، ويحدد القيم والقواعد العملية التي يجب مراعاتها في السلوك أيا كان لون هذا السلوك أو شكله، كما يدرس وسائل الإلزام والالتزام بالسلوك الخيِّر ووسائل الابتعاد عن السلوك الشر.

من هنا يدخل في الدراسات الأخلاقية دراسة الطبيعة البشرية من الناحية البيولوجية والفسيولوجية والسيكولوجية من حيث صلتها بالسلوك، وتدخل كذلك الدراسات الدينية والاجتماعية من حيث إنها دافعة إلى السلوك الخيِّر، ومفهوم العلم -كما يقول الدكتور توفيق الطويل- لم يعد ضيقا يشمل الدراسات القائمة على أساس الاستقراء فقط كما كان في عصر أوجست كونت،


١ علم العادات الأخلاقية، ليفي بريل، الفصل الثاني.

<<  <   >  >>