للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان يتحمل صعوبات الحياة ببسالة وشجاعة، وعدم الصبر يؤدي إلى حياة ضيقة مظلمة، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "الصبر ضياء" ١؛ لأنه يضيء الحياة أمام المرء؛ لأن الإسلام لا يتحقق إلا بأمرين: أولهما الإيمان فيما يجب الإيمان به، وثانيهما العمل بمقتضى ذلك الإيمان والعمل يعتمد على الصبر، ولهذا فمن شأن المسلم أن يكون صابرا مهما كانت المصائب فاجعة، ومن شأن الكافر أن يكون هلوعا جزوعا تهلكه المصائب؛ ولهذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة، ومثل المنافق " وفي رواية الكافر وفي أخرى الفاجر " كالأرزة لا تزال حتى يكون انجعافها مرة واحدة" ٢، هنا نجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعبر تعبيرا دقيقا بطريق التشبيه عن حالة المؤمن عند المصائب وحالة الكافر، فالأول يكون كالزرع الرطب ينحني عندما تهب الرياح ولا ينكسر ثم يعتدل عند زوالها، بينما الثاني يكون كشجرة الأرزة لا تساعد طبيعتها على الانحناء ومن ثم تنكسر عندما تأتي الرياح الشديدة عليها وتنهار أمامها.

وهكذا نجد الإسلام يزود الإنسان بالطاقة الحيوية التي تمكنه من أن يحيا حياة طبيعية في أحرج الظروف، كما يستطيع بها أن يحيا حياة أبدية في الآخرة؛ ولهذا سمى الإسلام دعوته الحياة فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} ٣، وكذلك {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} ٤.

ومن أهم المبادئ الأخلاقية المتصلة بدوام الحياة الاجتماعية وتقدمها مبدأ


١ جامع الترمذي، كتاب الدعوات، جـ٥ ص ١٧٧.
٢ فتح الباري بشرح البخاري ج١٢، كتاب المرض، ص ٢١٠.
٣ الأنفال: ٢٤.
٤ الأنفال: ٤٢.

<<  <   >  >>