للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدالة ومفهوم العدالة في الإسلام هو إعطاء كل ذي حق حقه، وفي نظر الإسلام أن لله على الإنسان حقوقا، كما أن لنفسه ولغيره عليه حقوقا، مصداق ذلك ما جاء في الحديث: "إن لربك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فاعطِ كل ذي حق حقه" ١.

وحق الله على الأنسان هو الاعتراف بربوبيته وما يترتب عليه من الشكر والعبادة له، وحقوق النفس على الإنسان هي تحقيق متطلباتها الضرورية، وقد شرحنا ذلك كله في الموضوعات السابقة، وأما حقوق الغير على الإنسان فهي تتمثل بصورة عامة في احترام حقوقهم الطبيعية المادية منها والأدبية في تنفيذ العهود المبرمة، ثم عدم استغلال أي إنسان أو اتخاذه غرضا، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذن أحدا من خلق الله غرضا فيجعلك الله غرضا" ٢، وقال عندما سألوه بعد ما ذكر كيف أن الله غفر للرجل الذي سقى الكلب العطشان، يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجرا؟ فقال: "نعم في كل كبد رطبة أجر" ٣، هنا نجد المبدأ الإسلامي أكثر سموا وشمولا مما دعا إليه "كانط" عندما قال: "عامل الإنسانية بوصفها غاية في ذاتها ولا تعاملها أبدا كما لو كانت مجرد وسيلة"٤، بينما الإسلام يدعو إلى عدم اتخاذ أي مخلوق وسيلة حتى الحيوانات، وتبعا لذلك قرر الإسلام الحقوق على الإنسان لغيره، ولقد حدد الرسول أهم حقوق الإنسان التي يجب مراعاتها وهي حق المال والعرض والكرامة الإنسانية فقال: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله، التقوي ها هنا بحسب


١ فتح الباري بشرح البخاري جـ٤، كتاب الصوم، ص٢٠٨ حديث ١٩٦٧.
٢ فيض القدير جـ٦ ص ٣٨٨.
٣صحيح مسلم جـ٤ ص ١٧٦١ كتاب السلام.
٤ تأسيس فيتافيزيقا الأخلاق ص ٧٣.

<<  <   >  >>