للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما عدالة الفرد العادي فهي إعطاء ما لغيره عليه، وأن يقول الحق إذا حكم أو طلب منه الشهادة أو أراد الإصلاح {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} ١، {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ٢، والعدالة تقتضي الأمانة والنزاهة والإخلاص {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} ٣، {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} ٤، {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} ٥.

وهكذا يأمر الله بالعدالة كل إنسان في فعله وقوله بحسب مسئوليته ومجال إدارته {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ٦، وذلك كله لتسود العدالة المجتمع كله، ولا شك في أن كل إنسان إذا طبق العدالة في نفسه وفي غيره، وإذا نفذ الحاكم العدالة بالسلطة فلا بد من أن تسود العدالة حياة المجتمع.

وسيادة العدالة حياة المجتمع تؤدي إلى سيادة الأمن والمحبة والمودة والاستقرار والنشاط العملي والفكري في حياة المجتمع، وهذا بدوره يؤدي إلى ازدهار الحياة المدنية، وانعدام العدالة يؤدي إلى انتشار الرعب والحقد والاضطرابات والتناحر وقلة الإنتاج، يقول الماوردي: "إن العدل الشامل يدعو إلى الألفة ويبعث على الطاعة وتنمو به الأموال ويكثر معه النسل ويأمن به السلطان، وليس شيء أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لضمائر الخلق من


١ الأنعام: ١٥٢.
٢ المائدة: ٨.
٣ البقرة: ٢٨٣.
٤ البقرة: ٢٨٢.
٥ المائدة: ٨.
٦ النحل: ٩٠.

<<  <   >  >>