النقطة الثانية: أن هذه القوانين الأخلاقية تحقق للإنسان السعادة في الحياة؛ لأنها تجمع بين المنافع المادية والمعنوية, أما القوانين المدنية فلا تراعي كل ذلك كما أنها لا تدفع الإنسان إلى ذلك دفعا كالقوانين الأخلاقية القائمة على هذا الأساس الاعتقادي.
النقطة الثالثة: أن القوانين الأخلاقية من حيث الأصول عامة وثابتة, وهي تتجاوز حدود القوانين الوضعية من هذه الناحية ومن ناحية التأثير والتطبيق.
النقطة الرابعة: أنها هي التي تصبغ حياة الإنسان بصبغتها, وتكيفها بروحها وغايتها وفلسفتها, بينما القوانين الوضعية يحددها المجتمع أو بعض أفراده وذلك وفقا لرغبتهم في الحياة وفهمهم لها، ومن ثم تظهر روح المجتمع في قوانينه بينما تظهر روح الأخلاق الدينية في حياة المجتمع إذا ما كان يسير المجتمع وفقا لتوجيهات هذه الأخلاق لا وفقا لتوجيهات رغباته ومنفعته.
ومجمل القول إن العقيدة -أساسا للأخلاق- تلعب أكبر دور في الحياة الأخلاقية من حيث إنها أكبر دافع يدفع الإنسان إلى الأعمال الإيجابية الخيرة, وأقوى رادع يكفه عن اتباع الهوى والشهوات، ومن حيث إنها المصدر الرئيسي للإحساس بقدسية القوانين الأخلاقية, وهذا بدوره هو المنبع الوحيد الذي يستقي منه الضمير الأدبي حياته الوجدانية.
ولقد اعترف الدكتور ألكسيس كارل بهذه الحقيقة, وبيَّن أن العقيدة تضيف على الأخلاق فعالية لا توجد في الأخلاق المدنية, فيقول: "فالفكرة المجردة لا تصبح عاملا فعالا إلا إذا تضمنت عنصرا دينيا, وهذا هو السبب في أن