للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وورد في القرآن أن الله مسخ من الإنسان قردة وخنازير {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ, فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} ١، {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} يقول ابن عباس: "إن أولئك قوم من اليهود, لما اعتدوا على ما حُرِّم عليهم أصبحوا في ديارهم قردة, ولم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام, ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل, وقد جعلهم الله قردة عبرة للناس الآخرين"٣، يقول ابن كثير ردا على القائلين بأن المسخ كان معنويا لا صوريا: "بل الصحيح أنه معنوي وصوري معا"٤, ونرى أن كلام ابن عباس وابن كثير وما ورد في الآية لا يتناقض مع قول الرسول سابقا, إذ إن الرسول نفى أن يكون للمسخ نسل أو عقب ولكنه لم ينف وقوع المسخ, وقد ذهب بعض الباحثين من علماء الغرب إلى أن القردة قد تحولت من الإنسان وأن أحد علماء الألمان قد أثبت ذلك في الحفريات في جنوب إفريقية٥.

على أي حال مهما كانت صورة التطور في خلق الإنسان فإنه يختلف عن نظرية التطور الداروينية, ولا تكون النظرية الإسلامية خاطئة؛ لأنها تخالف نظرية داروين كما يتوهمه بعض الناس؛ لأن نظرية داروين التطورية لم تثبت صحتها بعد, بل إن هناك براهين لكبار علماء الغرب على بطلان نظريته أو عدم ثبوتها علميا, وأجدني هنا مضطرا إلى تناول هذه النظرية من الجوانب التي يقتضيها هذا البحث


١ البقرة: ٦٥-٦٦.
٢ المائدة: ٦٠.
٣ تفسير ابن كثير, انظر تفسير الآية السابقة في البقرة جـ١ ص ١٠٥.
٤ المرجع السابق جـ١ ص ١٠٦.
٥ فلسفة النشوء والارتقاء: أرنست هيكل. ت. حسن حسين ص ٦١, وانظر كذلك مقدمة المترجم للمرجع نفسه.

<<  <   >  >>