للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الحديث يفيد حصول التطور في الحجم, ولكنه لا يفيد حصول التطور في الصورة, أو أن الإنسان تطور من حيوانات أخرى كما تدعي نظرية التطور, بل يؤكد الحديث أن صورة الإنسان اليوم هي الصورة نفسها التي خلق عليها, وأنه سيدخل الجنة بالصورة نفسها، ولقد نفى الرسول تطور الإنسان من الحيوان عندما دارت مناقشة بين الصحابة حول هذا الموضوع فقال: "إن الله لم يجعل للمسخ نسلا ولا عقبا وكانت القردة والخنازير قبل ذلك" ١, وقال: "إن الله خلق آدم على صورته" ٢.

أما حصول التطور في الحجم: في الطول والقصر وفي الضخامة والضمور وفي القوة والضغف وفي التكوين الجسمي, فقد حصل في تاريخ حياة الإنسان أو في بعض الأجناس, وقد أشار إلى ذلك الحديث السابق وتحدث عنه القرآن عندما ذكر أو تحدث عن بعض الأمم البائدة مثل ما ورد في قصة عاد قوم هود قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ, إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ, الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ} ٣, {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ, وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ٤, {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} ٥, {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ, سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} ٦، فهذه الآيات تدل على أن قوم عاد قد أوتوا بسطة في القوة والجسد.


١ صحيح مسلم جـ١٦، كتاب القدر ص ٢١٤.
٢ فتح الباري بشرح البخاري جـ١٣، باب الاستئذان ص ٢٣٨.
٣ الفجر: ٦-٨.
٤ الأعراف: ٦٥-٦٩.
٥ فصلت: ١٥.
الحاقة: ٦-٧.

<<  <   >  >>