للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الانقسام من البوق إلى جدار الرحم والتصاقها في جدار الرحم وتغذيتها من الأم, ثم تحولها بعد ذلك قطعة جرثومية أو مضغة, وأعجب من هذا كله خلق الطفل من قطعة لحم، ولا يزال العلماء يتعجبون من سر هذا الخلق, ويتفكرون في تلك العوامل التي تلعب تلك الأدوار لتقوم تلك الخلايا بتلك الوظائف الغريبة؛ ولهذا فقد اتخذ القرآن تلك التحولات العجيبة في تكوين الجنين آية يستدل بها على تلك القدرة الخالقة الفائقة؛ ولذلك اعتبر كل طور خلقا جديدا, قال تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} ١.

تلك هي مجمل مراحل خلق الطفل في بطن أمه، وهناك أطوار أخرى بعد الولادة وهي: مرحلة الطفولة ثم المراهقة والشباب ثم مرحلة الرشد وأخيرا مرحلة الشيخوخة {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} ٢, ثم هناك مرحلة ثالثة وأخيرة في أطوار خلق الإنسان وهي البعث بعد الموت {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} ٣, وهكذا يعرض لنا القرآن أطوار خلق الإنسان من مبدئه في الدنيا إلى منتهاه في الآخرة.

ولنا أن نسأل: هل حصل التطور في خلق الإنسان من ناحية الحجم والشكل كما تدعي ذلك النظرية الداروينية؟ لقد أجاب الرسول على هذا السؤال عندما سئل فقال: "خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا, فكل يدخل الجنة على صورة آدم, فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن" ٤.


١ الزمر: ٦.
٢ الحج: ٥.
٣ المؤمنون: ١٥-١٦.
٤ فتح الباري بشرح البخاري جـ٧، باب خلق آدم ص ١٧٥.

<<  <   >  >>