للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآن نرى أنفسنا أمام موضوع هام وهو موضوع الفطرة، وفطرية الدين الإسلامي تعني أنه من صميم الطبيعة البشرية؛ ولأن هذا الموضوع شديد الصلة بالأخلاق. أرى من الواجب دراسته بشيء من التفصيل لنستطيع أن نحدد في هذه النقطة علاقة الطبيعة الإنسانية بالأخلاق عن طريق تحديد معاني الآيات والأحاديث الواردة في هذا الموضوع بالذات.

لقد بين الله تعالى أن الإسلام دين الفطرة فقال: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ١.

وقبل تحديد معنى الفطرة في الآية، يجب تحديد معناها لدى علماء علم النفس: يتردد معنى الفطرة عندهم بين ثلاثة معانٍ: وهي الغريزة والدافع والميل٢, فالغريزة عند "مكدوجل" هي استعداد نفسي عضوي فطرياً كان أم موروثاً يجعل صاحبه يتخذ موقفاً محدداً إيجابياً أو سلبياً إزاء موضوعات معينة بعد إدراكه لها مباشرة٣, أما كلمة الدافع فلها معانٍ عدة لدى علم النفس، لكن يمكننا أن نعرفها تعريفاً عاملاً شاملا، على النحو الآتي: الدافع هو كل ما يدفع الإنسان إلى القيام بسلوك معين أو تغير معين في داخل الكائن الحي أو سلوكه إزاء مواقف معينة.

وسواء أكان هذا الدافع نابعاً من داخل الكائن الحي أم من بيئته, فهو بهذا المعنى يشمل كل الدوافع مثل: الحاجات والحوافز والرغبات والميول٤.

وبناء على ذلك: الفطرة معناها الغريزة بالمعنى السابق أو الدافع الأولي أو


١ الروم: ٣٠.
٢ مجالات علم النفس. الدكتور مصطفى فهمي ص ١٠.
٣ مقدمة لعلم النفس الاجتماعي. د. مصطفى سويف ص ١٩٧ طـ ٢.
٤ علم النفس التربوي. الدكتور أحمد زكي صالح ص ٦٨١، وانظر كذلك مقدمة لعلم النفس الاجتماعي للدكتور مصطفى سويف ص ١٥.

<<  <   >  >>