للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ميول طبيعية نحو أفعال معينة, ويمكن وضع ذلك في صيغة تجمعها وهي أن الفطرة بصفة عامة ميول طبيعية يولد الإنسان مزوداً بها, وتدفعه إلى اتخاذ مواقف إيجابية أو سلبية إزاء الأشياء, وفطرية التدين هو الميل الطبيعي لاتخاذ دين معين، أو هي كما عرفه الجرجاني في التعريفات "الجبلة المتهيئة لقبول الدين".

ولقد أثبت بعض علماء علم النفس والاجتماع فطرية التدين بالمعنى السابق, ومن بينهم "وليم مكدوجل" الذي عده من الغرائز التي حددها ووضع لها قائمة١.

وكما أثبت الدكتور "آلكسيس كارل" وجود الغريزة الدينية في طبيعة التكوين البيولوجي في الإنسان وأرجعها إلى إفراز الغدة الدرقية "النيروسكين" في الأوعية الدموية فإذا كفت الغدة عن صب ذلك الإفراز في الأوعية الدموية لم يعد هناك ذكاء أو حاسة شر أو حاسة جمال أو حاسة دينية٢، إذن فطرية الدين لها جانب سيكولوجي وجانب بيولوجي معاً، وإذا كان الشعور الديني فطرة في الإنسان فالتدين سلوك فطري وعدم التدين انحراف عن الفطرة, وينبغي أن نشير هنا إلى نقطة مهمة وهي: أن الغرائز أو الدوافع الفطرية تتفاوت فيما بينها من إنسان إلى آخر من حيث القوة والضعف وقد تضعف أو تنمو بالممارسة أو الإهمال أو طغيان غريزة على أخرى٣.

وبذلك قد لا يبقى لها أثر في سلوك الإنسان وإن كان لا يزول من الوجود تماماً ومن ثم يمكن أن يسلك الإنسان سلوكا مخالفاً لتلك الدوافع الفطرية لدوافع أخرى فطرية أو غير فطرية.

والدليل على وجود تلك العاطفة أو الفطرة الدينية في الإنسان مانراه في


١ المصدر السابق للدكتور مصطفى سويف ص ١٩٨.
٢ تأملات في سلوك الإنسان ص ٢٩.
٣ المصدر السابق للدكتور مصطفى سويف ص ٢٧ مبادئ علم النفس العام ص ٤٥.

<<  <   >  >>