للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلهم وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما حللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً"١, وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ, أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} ٢.

تلك هي الأدلة على وجود فطرة أو غريزة دينية في الطبيعة الإنسانية وأولى بنا أن نفسر تلك الفطرة في ضوء النصوص السابقة بأنها استعداد أو قوة دافعة لمعرفة الخالق وتقديسه وللتمييز بين ما هو خير وما هو شر من السلوك، ثم إن ما جاء به الإسلام من المبادئ تتلاءم مع هذه الفطرة؛ ولذا فإذا كان الإسلام يدعو الناس إلى تطبيق مبادئه فإنه إنما يدعو بذلك إلى تطبيق ما فطروا عليه أو ما خلق في طبيعتهم من دافع إليها.

وينتج عن هذا التفسير الأمور الآتية:

١- إنه لا ينبغي أن يفهم من فطرية الإسلام انطباع جميع قواعده وأحكامه في طبيعة الإنسان؛ لأن الأمر لو كان كذلك لأفادت أن المعرفة بالدين أمر يولد الإنسان مزوداً بها, وهذا فهم يخالف صريح الآية٣, مفادها أن الإنسان عند الولادة لا يعلم أي شيء، حتى النبي قبل البعثة ما كان يدري ما الكتاب ولا الإيمان، صحيح كان يتعبد في غار حراء قبل البعثة كان ذلك بدافع فطرية الدين وبما بقي في القوم من آثار دين إبراهيم.


١ التاج جـ ٥، كتاب البر والأخلاق ص ٧٧.
٢ الأعراف: ١٧٢-١٧٣.
٣ انظر سورة النحل آية: ٩.

<<  <   >  >>