للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضوء مذهب فكري معين, ولكن إذا عالجناها من زاوية الفلسفة الإسلامية عموماً يزول هذا التعارض وينجلي هذا الغموض وينفسح مجال كل فكرة وتتحدد حدودها، ومن ثم نستطيع أن نفسر كل آية دون أن يتعارض معناها مع معاني النصوص الأخرى١.

ويمكن تحديد فلسفة الإسلام في هذه القضية الكبرى عن طريق تحديد النقط الآتية:

١- قررنا في نهاية الفصل السابق أن الله خلق السماء وخلق الأرض وخلق الإنسان وخلق قوانين السماء وقوانين الأرض وقوانين الطبيعة الإنسانية ووضع نظام الأخلاق وفقاً لهذه القوانين الطبيعية ووفقاً لهدف هذا الخلق بوجه عام وخلق الإنسان بوجه خاص.

إذن لهذا الخلق غاية لا بد من أن تتحقق بتمام الغاية والانتهاء إلى ذلك المصير. {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} ٢، {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} ٣ {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً} ٤.

فبناء على غايته في الخلق خلق الخلق وقدره تقديراً ينتهي إلى غايته {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} ٥، {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} ٦، {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى, وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} ٧.


١ هنا يقول لي أستاذ: إن ابن رشد قد سبقك إلى هذه الفكرة.
٢ سورة المؤمنون: ١١٥.
٣ الأنعام: ٧٢ - ٧٣.
٤ الأحزاب: ٣٨.
٥ القمر: ٤٩.
٦ الفرقان: ٢.
٧ الأعلى: ٢ - ٣.

<<  <   >  >>