الرسالات السابقة كانت حالة استثنائية؛ لأن رسالات الله كلها في جوهرها واحدة وتهدف إلى غاية واحدة, مصداق ذلك قوله تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} ١، وكان الأمر يقتضي ألا يكون في الإسلام شيء من تلك القوانين الاستثنائية؛ لأنه خاتم الرسالات من جهة؛ ولأنه عام لكل الأمم فكان العدل الإلهي لا يقتضي عقاب الأمم الأخرى بظلم بعضها، ثم وجود مثل تلك القوانين في الإسلام لا تجعله صالحاً للتطبيق لكل الناس في كل زمان ومكان، وكما تمتاز رسالة الإسلام على الرسالات الأخرى تمتاز كذلك على بعض الفلسفات الأخرى كالفلسفة الأخلاقية البرهمية والكانطية- مثلاً- التي تتسم بالقسوة وعدم مراعاة الطبيعة الإنسانية في الظروف المختلفة.