للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخاص، وثانيهما اتجاه جماعي يرى مسئولية الجماعة عن سلوك الأفراد ومسئولية الفرد عن سلوك غيره، وبالرغم من هذا الاختلاف بين الاتجاهين من الوجهة النظرية عموماً، فبينهما بعض التقارب من الوجهة العملية وفي بعض الأمور الجزئية، ذلك أن الاتجاه الأول بالرغم من دعواه الفردية فإنه من الوجهة العملية قد قرر المسئولية الغيرية في بعض الجرائم مثل جريمة القتل في بعض الحالات والظروف الخاصة.

كما أن الاتجاه الثاني بالرغم من دعواه الجماعية في المسئولية فإنه لا يجعل الجماعة مسئولة عن كل سلوك الفرد بل يقصرها على بعض الأفعال والجرائم١.

وأما عن وجهة نظر الإسلام فإنا نجد نصوصاً تقرر المسئولية الفردية بصورة مطلقة كأن الفرد مسئول عن نفسه فقط، فقال تعالى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ٢, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ٣، لكن نجد أيضاً نصوصا تقرر مسئولية الفرد عن سلوك غيره، من هذه النصوص قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} ٤، {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} ٥، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم -بعد ما تلا قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ, كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} ٦: "كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد


١ المسئولية والجزاء ص ٦١، الدكتور علي عبد الواحد وافي.
٢ الأنعام: ١٦٤.
٣ المائدة: ١٠٥.
٤ الأنفال: ٢٥.
٥ لقمان: ١٧.
٦ المائدة: ٧٨.

<<  <   >  >>