خوفا من الجماعة. أما الأمور التي تشترط النية فيها مثل الصوم فلا يعتد به بدونها إطلاقا؛ لأن الصوم قد يكون للعبادة وقد يكون لعلاج طبي فالنية هنا هي التي تميز بين ما هو عبادة وبين ما هو غير عبادة١.
وعلى العموم فالنية والغاية مناط المسئولية والعقاب والجزاء الإلهي، غير أنه لا ينبغي أن يفهم من هذا أن المتمسك بالقيم الأخلاقية عموما بدون النية والإخلاص لله يحرم من الجزاء الطبيعي للقوانين الأخلاقية نفسها، إذ إننا بينا وجود جزاءات عدة للقوانين الأخلاقية وخاصة فيما يتعلق بالقوانين المبنية على القوانين الطبيعية.
وعلينا أن نعرض لهذه المسألة الهامة وهي إذا كانت الغاية تؤدي دورا هاما في التفكير الأخلاقي الإسلامي وأنه لا يعتد بالقوانين الأخلاقية إلا من حيث غاياتها فمعنى ذلك أن الأخلاق وسيلة لغيرها وليست غاية في ذاتها أي: أنها ليست مقدسة وأنها قد تتغير من حين إلى آخر؛ لأن الوسائل عادة تتغير.
الحقيقة أن هذه مشكلة التفكير الأخلاقي عموما، ولقد اختلف فيها الفلاسفة وذهبوا فيها مذاهب شتى. نشير إليها قبل أن نحدد موقف الإسلام من تلك المشكلة بعينها:
الاتجاه الأول: يرى أن الأخلاق غاية في ذاتها وإذا أصبحت وسيلة فلا تبقى أخلاقا. وهذا ما ذهب إليه "كانط" ومن يرى رأيه، فالذي يجعل الأخلاق وسيلة ينبغي أن يقول مثلا: "علي أن أحافظ على الأخلاق إذا أردت أن أحافظ