للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ١، {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} ٢, {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً} ٣، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا من خلص لوجهه" ٤.

وهكذا نجد الغاية نفسها تكون وسيلة من جهة وغاية من جهة أخرى, وهذه حقيقة يحس بها كل منا في حياته اليومية فنحن نتخذ في حياتنا الجارية أهدافا ونتخذ لها وسائل حتى إذا ما حققناها نتطلع إلى أهداف أخرى أسمى منها ولكن لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الأهداف التي هي أدنى منها، وهكذا تتسلسل الأهداف والغايات فكل غاية وسيلة بالنسبة إلى أعلاها وغاية بالنسبة إلى أدناها، فمتعلم الدين مثلا يقصد من تعلمه أن يكون تدينه مقبولا عند الله ويقصد من ذلك أن ينال رضا الله ويقصد من الآخر الدخول في جنته.

إذن لا نستطيع القول بأن الأخلاق وسيلة وغاية بوجه عام ونصدر حكما عاما في هذا الشأن فيما إذا أردنا أن يكون حكمنا مطابقا للحقائق الواقعية، ولكن هل معنى هذا أن الأخلاق متغيرة وغير ثابتة تتطور بتطور الزمان والحياة وتزول الأخلاقيات وتأتي أخرى مكانها؟ وهل مؤدى ذلك أن الأخلاق لا تحمل قداسة وإلزاما عاما؟

لا ينبغي أن يفهم أولا من قولنا: إن غاية الأخلاق لها مراتب وأن أدناها وسيلة لأسماها، وأسماها غاية لأدناها - إننا نذهب إلى أن عدم ثابت المبادئ


١ الزمر: ٢-٣.
٢ البينة: ٥.
٣ النساء: ١٤٦.
٤ منتخب كنز العمال في هامش مسند الإمام أحمد جـ١ ص١٣٠.

<<  <   >  >>