علي السلوك الصفة الأخلاقية، أما السلوك بغير الصفة الأخلاقية فيعد سلوكا عاديا لا يقاس بمعايير الأخلاق. فمثلا لو ساعد رجل آخر وهو يقصد من وراء ذلك مقابلا فإن هذا السلوك لا يدخل في مجال العمل الأخلاقي بالرغم من توافر صورة الأخلاق فيه؛ لأنه يعد صفقة تجارية تتم في إطار الأخلاق ظاهريا.
فالغاية الأخلاقية تحمل قيمة الأخلاق وهي بدورها تحمل قيمة الشخص. والفعل الأخلاقي للإنسان شبيه بأن يكون وليدا له. فكما أن الوليد يتأثر بكثير من خصائص أمه عندما يحيا في بطنها. ويظهر هذا الأثر في شخصيته بعد الميلاد. كذلك الفعل تتكون بنيته الأولى في ضمير الفاعل من حيث الخيرية والشرية والصلاح والطلاح.
لكن كيف تؤثر الغاية في قيمة الفعل الأخلاقي مع أنها أمر خارج عن الفعل أو هي غير الفعل ثم من أين جاءت القيمة إلي الغاية؟.
لنجيب عن ذلك نضرب المثل الآتي: هب أن رجلا ألف كتابا كعمل علمي خلقي, فمن الضروري أن تكون له غاية, قد تكون غايته كسب مال أو شرف أو إفادة الناس؛ لذات الفضيلة لا لشيء آخر. ولو سألنا الناس عن أشرف هذه الغايات لاختاروا الأخيرة بدون شك, ولكن لماذا يختارون الأخيرة؟ هل لأن النفع يعود عليهم؟ إذ النفع موجود على أي حال, إذن فالترجيح هنا مبني على الغاية لا على ذات الفعل. ولا يدل هذا على عدم إعطاء أية قيمة لهذا العمل كعمل نافع بناء. ولكن المسألة مسألة التفضيل، وهو مبني علي القيمة المتزايدة وهذه القيمة وليدة الغاية ولكن من أين جاءت هذه القيمة إلى هذه الغاية. لا شك أنها جاءت من الخير العام الذي يستهدفه من عمله أي: من الإيثار. ولكن من أين