للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاءت القيمة إلي الإيثار, لا شك أنها جاءت من فكرة الفضيلة، ولكن من أين جاءت القيمة إلي هذه الفكرة لا شك أنها جاءت من الإنسانية؛ لأنه عمل إنسان يستهدف غاية إنسانية, ولكن فكرة الإنسانية أيضا تستمد قيمتها من شعور الإنسان بالقيمة المثالية للسلوك. هذه الغاية قيمة؛ لأنها موافقة للمثل العليا أو القيمة العليا. ولكن ما زلنا نحتاج إلى سؤال متسلسل من نوع الأسئلة السابقة وهو من أين جاءت القيمة إلي المثل العليا؟ وما المثل العليا في حقيقتها؟

إن الفلاسفة الذين قالوا: إن القيم الأخلاقية نازلة من المثل العليا أو أن الأخلاق تستمد قيمتها من المثل العليا حاولوا تحديد ماهية هذه المثل, ولكنهم لم يستطيعوا تحديدها وبيان حقيقتها.

أما الإسلام فقد بينها بأنها ضرب من النظام المتعالي على الواقع يستمد قيمته من إرادة الله ومن الإنسان والوجود المادى, وهذه المثالية للقيمة معطاة قد أخذت مكانها في فطرة الإنسان باسم الحاسة الخلقية والشعور الخلقي وتحت دافعية هذا الإحساس أو ذلك الشعور يحاول الإنسان التسامي به إلي ذلك المثال وتقليده وفي ضوئهما يميز بين العمل الأخلاقي واللا أخلاقي وبين درجات القيمة الأخلاقية للأفعال الإنسانية.

إذن الغاية تستمد من إرادة الله.

وعندما يريد الإنسان من سلوكه ما أراد الله منه أن يريده فإنه يكون قد اتحدت الإرادتان أو الغايتان إرادة الإنسان وإرادة الله. ولقد حدد الإسلام غاية الأخلاق التي ينبغي أن يتم العمل الخلقي في ظلها بأن يريد الإنسان من عمله وجه الله وأن يعمل لأن هذا العمل إرادة الله منه لا أكثر ولا أقل, ولهذا قال تعالى

<<  <   >  >>