للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} ١, {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ٢, {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً, إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً} ٣, ونرى في هذه الآيات بالإضافة إلى جعل الله غاية الأخلاق ابتغاء وجهه فإنه قد ربط بين هذه الغاية وبين خيرية الأخلاق والجزاء في الآخرة.

ولا ينبغي أن يفهم من هذا أن ليس للسلوك الأخلاقي أية قيمة بدون الغاية الأخلاقية إذ إن له قيمة أيضا لكن قيمته ناقصة ولا ينال ثوابه في الآخرة وإنما ينال ثوابه الطبيعي في الدنيا؛ لأن الله يكافئ من يعمل من أجله, ومن كان يعمل للناس أو للدنيا ينال مكافأة عمله من الناس أو من الدنيا. ولا نصيب له منه في الآخرة ولهذا قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ, أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ٤, وقال تعالي: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} ٥.

وروي عن ابن عباس في معنى الآية: "من كان من الأبرار يريد بعمله الصالح ثواب الأخرة نزد له في حرثه أي: في حسناته, ومن كان من الفجار يريد


١ الرعد: ٢٢.
٢ الروم: ٣٨.
٣ الإنسان: ٨-٩.
٤ هود: ١٥-١٦.
٥ الشورى: ٢٠.

<<  <   >  >>