للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعمله الحسن الدنيا نؤته منها", وقال قتادة: "إن الله يعطى مَن نيته الآخرة ما شاء من أمر الدنيا ولا يعطي علي نية الدنيا إلا الدنيا"١, لكن إذا قلنا: إن للأخلاق قيمة فلنا أن نسأل ما ماهيتها؟ وما مميزاتها بالنسبة إلي القيم الأخرى؟ نحن نعلم أن هناك قيما كثيرة: قيم الأشياء والحق والخير والجمال وقد عبر الفلاسفة عن قيم الأخلاق بالخير وذهبوا في تفسير الخير مذاهب شتى. فما مذهب الإسلام في حقيقة هذه القيمة؟

عندما ندرس هذه الحقيقة في الإسلام نجد أنه قد عبر عنها أحيانا بالخير وأحيانا بالقيمة, وإن كان استعماله للفظ الأول أكثر من الأخير, إلا أن إبدال لفظ بلفظ آخر قد لا يزيد الأمر وضوحا, لبيان حقيقة هذا الخير أو تلك القيمة في الإسلام ينبغي أن ندرسها في المجالات التي استعمل فيها حتى نستطيع تحديد حقيقة هذه القيمة ومقارنتها بالقيم الأخرى. وإذا نظرنا إلي المجالات التي استعمل فيها لفظ الخير وجدنا أنه استعمل في المجالات الآتية: وعبر عنها بألفاظ مختلفة مثل: البر والحكمة ورفعة المكانة الأدبية بين الناس وما إلي ذلك ويمكن تلخيصها في المجالات الآتية:

مجال المعرفة والحكمة: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} ٢, ومعروف أن الحكمة باختصار هي القول السديد والعمل المفيد ومعرفة أسرار الموجودات والعمل بمقتضى العلم, فهي بذلك تجمع بين القيمة الفكرية والعملية أو بين العلم والعمل بموجبه.


١ القرطبي جـ١٦ ص ١٨-١٩.
٢ سورة البقرة: ٢٦٩.

<<  <   >  >>