للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاتجاه الأول: ذهب إلى أن مسألة القيم الأخلاقية مسألة نسبية تخضع للعقائد والعادات الاجتماعية المختلفة وأن الناس هم الذين يخلعون عن الأخلاق قيما من عند أنفسهم ولهذا فهي ليست حقيقة متأصلة فيها.

والاتجاه الثاني: ذهب إلى أن القيم الأخلاقية قيم موضوعية نابعة من ذاتها كامنة في طبيعتها ودور الإنسان ليس إلا إخراجها وإداركها.

ولو ذهبنا نستقرئ أراء المفكرين الإسلاميين في هذا الموضوع لوجدنا أنهم انقسموا فيه إلي اتجاهين أيضا كالفلاسفة.

الاتجاه الأول: اتجاه أهل السنة والثاني اتجاه المعتزلة.

أما الأول: فيرى وجود ثلاثة أنواع من الأحكام تتصف بصفة الحسن والقبح أو بالخير والشر فالنوع الأول كل سلوك يلائم الطبع فهو حسن وما ينافره الطبع فهو قبيح مثل إنقاذ الغرقى واتهام الأبرياء.

والنوع الثاني كل وصف يدل علي الكمال فهو حسن وكل وصف يدل على النقص فهو قبيح مثل العلم والجهل.

والنوع الثالث: كل ما أمر به الشرع حسن وكل ما نهى عنه قبيح.

والأمران الأولان عقليان والثالث شرعي: أي أن الأولين قيمتهما في ذاتهما والثالث قيمته جاءت من الشريعة١. ولكن هل معنى كونهما عقليين أن الثواب والعقاب مترتبان عليهما طبقا لقوانين الطبيعة؟ الجواب لا, فالثواب

والعقاب متوقفان علي الشرع, فكونهما أمرين عقليين شيء وكونهما يستحقان


١ شرح التلويح على شرح التوضيح للتنقيح جـ ١ ص ١٧٢ لسعد الدين التفتازاني.

<<  <   >  >>