للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ١، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "اثنان خير من واحد وثلاثة خير من اثنين وأربعة خير من ثلاثة فعليكم بالجماعة فإن الله لن يجمع أمتي إلا على هدى" ٢.

من هذا كله يتبين لنا أن قيمة الجماعة أعظم من قيمة الفرد من حيث إنها مجموع القيم من جهة ومجموع العقول من جهة أخرى، ثم إن المجتمع ضرورة للفرد إذ إنه بحاجة إليه من الناحية النفسية ومن ناحية القوة.

ولكن هل معنى هذا أن الفرد مجرد وسيلة لتحقيق أغراض الجماعة، أو أن قيمته ينبغى أن تقاس بمدى ما يحقق من هذه الأغراض ويسعى لها؟

الحقيقة أن الإسلام ينظر إلى الفرد باعتباره عضوا مستقلا في المجتمع، له كرامة وحرية ومسئولية. زد على هذا أن مسئوليته لا تقتصر على نفسه بل تتعدى إلى المجتمع أيضا. ولا يصح أن يُتَّخذ الإنسان وسيلة لمآرب أخرى؛ لأنه غاية في ذاته ولهذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة: "يا أبا هريرة إذا استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم فافعل تكن من المقربين ولا تتخذن أحدا من خلق الله غرضا فيجعلك غرضا لشرر جهنم يوم القيامة" ٣.

كذلك لم يجعل المجتمع مجرد وسيلة لتحقيق الأهداف الفردية ولهذا لا يصح استغلال المجتمع لتحقيق المنافع الشخصية أو الأغراض الأنانية.


١ آل عمران: ١٠٣، ١٠٥.
٢ مسند الإمام أحمد عن أبي ذر وانظر كذلك تحفة الأحوذي بشرح الجامع الترمذي جـ٦ ص٣٨٧.
٣ فيض القدير جـ٦ ص ٣٨٨.

<<  <   >  >>