وضرورة الأساس الواقعي والعلمي تظهر في أمرين أولها: أن مراعاة الواقع وقوانين الطبيعة الكونية عامة شرط أساسي حتى تكون الأخلاق واقعية، وصالحة للتطبيق العملي في ظروف وأزمان مختلفة. وثانيهما: أن هذا الأساس الواقعي دافع إلى الالتزام بالأخلاق على أساس أنها أسلم طريق يحقق المطالب الأساسية للإنسان ويوجهه إلى حياة فاضلة تتناسب مع مكانته ومركزه في الكون.
ولا يخفى علينا أيضا مدى ضرورة الأساس القائم على مراعاة الطبيعة الإنسانية لدوام النظام الأخلاقي، ذلك أن أي نظام لا يراعي هذه الطبيعة من حيث متطلباتها الضرورية وإمكاناتها العملية فلا بد من أن يكون منبوذا ومنافيا لهذه الطبيعة ولا بد من أن يبوء بالفشل أخيرا.
والنظام الأخلاقي في الإسلام لم يكتفِ -كما رأينا- بمراعاة تلك الطبيعة من حيث حاجاتها وإمكاناتها بل وجهها نحو أفضل وأسمى حياة, فيها سعادتها وفلاحها في العاجل والآجل.
وكذلك لا يمكن الاستغناء عن أساس الإلزام والالتزام، وخاصة إذا كان هذا الأساس قد جمع جميع عناصر الإلزام وكان مراعيا في ذلك طبيعة الإنسان وكرامته.
أما أساس الحرية والمسئولية فيحتمه التفكير الأخلاقي من ناحية، ووضع الإنسان أمام خالقه من ناحية ثانية ثم تحمل الإنسان مسئولياته بنفسه عن جدراة وقبوله لأداء تلك الأمانة الأخلاقية عن اختيار وحرية، وتوافر هذه الأمور مجتمعة في هذين الأساسين يوحي إلى الإنسان بالشجاعة الأدبية لتحمل