للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في النار" ١.

هنا نجد الإسلام يختلف في نظريته الأخلاقية بالنسبة إلى الله عن بعض الفلاسفة مثل "كانط" الذي يرى عدم وجود هذا النوع من الأخلاقية؛ لأن الأخلاق في نظره واجبة، والواجب يقتضي سبق حق وليس للإنسان حق سابق على الله٢.

أما الإسلام فقد قرر أن للعباد حقا على الله كتبه الله على نفسه إذا عبدوه ولم يشركوا به أن يدخلهم الجنة، فقال الرسول: "فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولم يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله عز وجل ألا يعذب من لا يشرك به شيئا" ٣، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ٤.

بل أكثر من ذلك فقد قرر الإسلام حقوقا للحيوان على الإنسان في مقابل حق تسخيرها له، قال تعالى: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ، وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ، وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} ٥، هذا إلى أن الإسلام


١ الترغيب والترهيب ج٣ ص٣٥٦، قال الحاكم: صحيح الإسناد.
٢ كلمات في مبادئ الأخلاق، دكتور محمد عبد الله دراز، ص٢٧، انظر رأي كانط بالذات في كتابه: التربية ص٩٥ أنه خلاف ما هنا بالنسبة للحيوانات.
٣ التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول ج١ ص٣٢.
٤ سورة التوبة آية: ١١١.
٥ سورة النحل الآيات: ٥-٧.

<<  <   >  >>