مؤقتة ستتحول في النهاية -إن أحسن الإنسان عمله- إلى حياة أبدية ملؤها السعادة والهناء، ولهذه الحياة الروحية دور كبير في سعادة الإنسان، ذلك أن الإنسان عندما يحيا هذه الحياة يشعر بالاطمئنان والراحة في أعماق قلبه؛ لأنه يحس دائما في قرارة نفسه بأن الله راضٍ عنه وأنه سيكلؤه ويحفظه، وهو بعد ذلك يتطلع إلى حياة صافية من الأحزان والآلام؛ ولأنه يرى أن الموت لا يقطع عليه حياته بل ينقله من حياة مؤقتة إلى حياة دائمة، وأن الأعمال التي يؤديها هنا وإن لم يجنِ ثمارها كلها أو بعضها هنا سوف يجنيها هناك، ولهذا كله فإن هؤلاء الذين يحبون هذه الحياة تبتسم سريرتهم بالرغم من الشدائد التي يعانون منها والصعوبات التي يخوضونها، أما الذين أهملوا الروح، ولم يعطوها حقها من الحياة فهم في ضيق وحرج ولا سيما عند الأزمات والمصائب يزعجهم خوف الموت، ويقلقهم ضياع الحقوق، وعدم استيفائهم ثمار أعمالهم -ويؤدي بهم هذا الضيق والحرج أحيانا- إلى الذبحة الصدرية أو الانتحار، ولقد أدرك هذه الحقيقة العالم الفرنسي الدكتور ألكسيس كارل، فهو يقول:"ومن الغريب أن الإنسان الحديث قد استبعد من الحقيقة الواقعية كل عامل نفسي "روحي" وبنى لنفسه وسطا ماديا بحتا، غير أن هذا العالم لا يلائمه قط، بل نراه يصاب فيه بالانهيار.. فيبدوا -جيدا- أنه يجب على البشرية المتحضرة لكي تتجنب ترديها النهائي في وهدة التنافر والفوضى، أن تعود إلى بناء المعابد في ذلك العالم الفاخر الصارم الذي يعيش فيه علماء الطبيعة والفلك.. فالعالم الحديث يبدو لنا كالثوب المفرط في الضيق بمجرد أن يطبعه مذهب الحرية الفردية أو المذهب الماركسي بطابعه.
ومما لا يقبله العقل أن يصبح الواقع الخارجي أضيق من أن يشمله الإنسان في كليته، وألا يكون تركيبه متفقا مع تركيبنا من بعض الوجوه