للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: تنظيمها تنظيما اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وقضائيا.

ثانياً: دعوة الناس إلى أخذ نصيبهم منها، من مأكل ومشرب وزواج وملبس ومسكن، وكل ما يحتاج إليه الإنسان بحكم الغريزة والطبع، قال تعالى: {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} ١، كما وبخ الذين يمنعون الناس من هذه المتعة التي أخرجها لعباده: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} ، وما أحسن الإشارة هنا إلى أن نعيم هذه الدنيا خلق للمؤمنين، وإذا اشترك معهم الكفار في التمتع به فلن يشتركوا معهم في نعيم الجنة في الآخرة، نعيم لا يخالطه غم ولا مشقة، ثم إن الإسلام يعتبر هذه الحياة كلها سبيل الله إلى الجنة التي أعدها الله للسالكين سبيله، فهو داخل فيها في نهاية المطاف بالوعد الذي قطعه على نفسه، وبذلك تكون لهذه الحياة أهمية كبرى في نظر الإسلام، وتعطي لها قيمة لا يساويها شيء إلا تلك الحياة الأبدية، ذلك أنها وإن كانت لا تساوي شيئا في حد ذاتها بالنسبة لتلك الحياة إلا أنها لما كان من الممكن أن تشتري بها الجنة فإن قيمتها تساوي الجنة بهذا الاعتبار، ومن هذا كله تبين لنا أنه لا تعارض بين هذه النصوص المتعلقة بشئون الحياة، وأن النظرتين فيها تمثِّلان فلسفة الإسلام في الحياة ومنهجه فيها، ومن ثم تبين خطأ الذين نبذوا هذه الحياة استنادا إلى تلك النصوص، كما تبين خطأ أولئك الذين ينهمكون في ملذات هذه الحياة، ويتمتعون كالأنعام تاركين كل الجوانب الأخرى والواجبات الإلهية والإنسانية وكأنهم خلقوا من أجل هذه المتعة الحسية فقط، ولهذا كله قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ


١ المائدة: ٨٨.
٢ الأعراف: ٣٢.

<<  <   >  >>