للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظائف الأعضاء وإلى الأمراض الفسيولوجية؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن المنبتَّ لا أرضا قطع ولا ظهرًا أبقى" ١، "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق" ٢، وقال: "إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين" ٣، وقال: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا" ٤.

من هذا كله نرى أن الإسلام يأمر بالاعتدال في تحقيق المطالب، ويأمر أيضًا بالعدالة في إعطاء كل ذي حق حقه، وبالاعتدال والعدالة في الأعمال كلها، حتى تتحقق الصحة الكاملة، وتنتظم أمور الدنيا، والسعادة تتبع الاعتدال أو العدالة في كل الأمور، كما يقول أفلاطون، فيقول في جمهوريته: "إن العدالة لا تتناول مظاهر أداء الإنسان لعمله الخاص فحسب وإنما تتناول البواطن التي تخص الرجل نفسه ومصالحه الخارجية بحيث لا يسمح الرجل العادل لعناصره المتعددة أن تعمل عملًا غير عملها، ولا للطبائع المميزة في نفسه أن يتدخل بعضها في بعض"٥.

يبقى بعد هذا كله العنصر الأخير والهام لتحقيق السعادة في رأي الإسلام وهو: تحديد الغاية الكبرى للإنسان في هذه الحياة، وأن يكون تحقيق هذه مقرونًا بتحقيق السعادة الكاملة، وهذه الغاية هي الفوز برضا الخالق والدخول في دار الرضوان، دار السعادة الأبدية؛ وذلك بعد الانتقال من هذه الحياة الدنيا.

إن ربط الإنسان مصيره بالسعادة له دور كبير في إحساسه بالسعادة في


١ مسند الإمام أحمد عن أنس -رضي الله عنه -كشف الخفاء جـ١ ص ٣٠٠.
٢ فيض القدير شرح الجامع الصغير جـ١ ص ٣.
٣ الجامع الصغير جـ١ ص ١١٦.
٤ هداية الباري في ترتيب أحاديث البخاري جـ١ ص ١١٠.
٥ جمهورية أفلاطون ص ٨١، أفلاطون، ترجمة نظلة الحكيم.

<<  <   >  >>