للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا ١ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَرَخَ بِالْحَجِّ صُرَاخًا، حَتَّى إذَا طُفْنَا بِالْبَيْتِ، قَالَ: " اجْعَلُوهَا عُمْرَةً، إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ"، قَالَ: فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً فَحَلَلْنَاهَا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ صَرَخْنَا بِالْحَجِّ، وَانْطَلَقْنَا إلَى مِنًى، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ٢، وَأَحْمَدُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ، وَقَدْ لَبَّوْا بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ. فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا طَافُوا بِالْبَيْتِ وَسَعَوْا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَكَأَنَّ الْقَوْمَ هَابُوا ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْلَا أَنِّي سُقْت الْهَدْيَ لَأَحْلَلْت"، فَحَلَّ الْقَوْمُ وَتَمَتَّعُوا، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا فُلَيْحِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَأَهْدَى، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَمَرَ نِسَاءَهُ أَنْ يَحْلُلْنَ، قُلْنَ: مَا لَك أَنْتَ لَا تَحِلُّ؟ قَالَ: " إني قلدت هدي، وَلَبَّدْت رَأْسِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنْ حَجَّتِي، وَأَحْلِقَ رَأْسِي"، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": هُوَ حَدِيثٌ صحيح على شرط الشيخين.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَفَّانَ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثَنَا حُمَيْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً، إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ"، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": قَالَتْ الْخُصُومُ: فَقَدْ نَقَضْتُمْ أَحَادِيثَكُمْ الْأَوَائِلَ بِهَذِهِ الْأَوَاخِرِ، لِأَنَّكُمْ رَوَيْتُمْ فِي الْأَوَائِلِ أَنَّهُ تَمَتَّعَ، وَفِي الْأَوَاخِرِ أَنَّهُ تَنَدَّمَ، كَيْفَ سَاقَ الْهَدْيَ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَفْسَخَ، وَأَنْتُمْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ تُصَحِّحُوا الْأَوَائِلَ، فَيَبْطُلَ مَذْهَبُكُمْ فِي فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ، أَوْ تُصَحِّحُوا الْأَوَاخِرَ، فَيَبْطُلَ احْتِجَاجُكُمْ بِأَنَّ الرَّسُولَ تَمَتَّعَ، ثُمَّ نَتَكَلَّمُ عَلَى أَحَادِيثِكُمْ، فَنَقُولُ: الْأَوَائِلُ مُعَارَضَةٌ بِالْأَوَاخِرِ، فَأَمَّا الْأَوَاخِرُ: فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ أَصْحَابَهُ بِالْفَسْخِ لِفَضِيلَةِ التَّمَتُّعِ، بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ مَا رَوَيْتُمْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، فَأَمَرَ بِفَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لِيُخَالِفَ الْمُشْرِكِينَ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: بَلْ لَنَا خَاصَّةً، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كَانَتْ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ:


١ عند مسلم: ص ٤٠٨.
٢ عند النسائي في "باب كيف يفعل من أهل بالحج والعمرة" ص ٣٦ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>