عَلَى فَرَسٍ، أَوْ بِرْذَوْنٍ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ، فَنَظَرُوا، فَإِذَا عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ مُعَاوِيَةُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَلَا يَشُدُّ عُقْدَةً، وَلَا يَحُلُّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا، أَوْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ"، فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ بِالنَّاسِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مَسَانِيدِهِمْ"، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أَعَادَهُ الْمُصَنِّفُ، وَزَادَ: وَحَمْلِهِ إلَيْهِمْ، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ"، وَالْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" مِنْ حَدِيثِ بَحْرِ بْنِ كُنَيْزٍ السَّقَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ اللَّقِيطِيِّ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَفْعُهُ وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ مَوْقُوفٌ، وَقَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَرْوِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ اللَّقِيطِيُّ لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ، وَبَحْرُ بْنُ كُنَيْزٍ لَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ، وَقَدْ رَوَى سَالِمُ بْنُ رَزِينٍ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ مَوْقُوفًا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"، وَالْعُقَيْلِيُّ فِي "كِتَابِهِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيِّ ثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ بِهِ مَرْفُوعًا، نَحْوَهُ سَوَاءٌ، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَيَّنَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَقَالَ: وَهُوَ عِنْدِي لَا بَأْسَ بِرِوَايَاتِهِ، وَنَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ": مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ فِيهِ غَفْلَةٌ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ صَدُوقٌ، وَلَكِنَّهُ حَدَّثَ بِأَحَادِيثَ مُنْكَرَةٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ": قَدْ يُفْهَمُ مِنْ حَدِيثِ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ كُنْتُ قَيْنًا بِمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلَ سَيْفًا، فَجِئْت أَتَقَاضَاهُ، الْحَدِيثَ، إبَاحَةُ بَيْعِ السِّلَاحِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ، وَهُوَ فَهْمٌ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ قَبْلَ فَرْضِ الْجِهَادِ، وَفُرِضَ الْجِهَادُ، وَالْأَمْرُ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ إخْرَاجِ أَهْلِ مَكَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: رُوِيَ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ ثُمَامَةَ أَنْ يَمِيرَ أَهْلَ مَكَّةَ، وَهُمْ حَرْبٌ عَلَيْهِ، قُلْت: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ - فِي آخِرِ بَابِ حَدِيثِ الْإِفْكِ" مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إسْحَاقَ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَ قِصَّةَ إسْلَامِ ثُمَامَةَ بِلَفْظِ "الصَّحِيحَيْنِ"، وَفِي آخِرِهِ: فَقَالَ: إنِّي وَاَللَّهِ مَا صَبَوْتُ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ، وَصَدَّقْتُ مُحَمَّدًا، وَآمَنْتُ بِهِ، وَأَيْمُ الَّذِي نَفْسُ ثُمَامَةَ بِيَدِهِ لَا يَأْتِيكُمْ حَبَّةٌ مِنْ الْيَمَامَةِ - وَكَانَتْ رِيفَ مَكَّةَ مَا بَقِيتُ - حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَانْصَرَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute