إلَى بَلَدِهِ، وَمَنَعَ الْحَمْلَ إلَى مَكَّةَ حَتَّى جَهِدَتْ قُرَيْشٌ، فَكَتَبُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ بِأَرْحَامِهِمْ أَنْ يَكْتُبَ إلَى ثُمَامَةَ يُخَلِّيَ إلَيْهِمْ حَمْلَ الطَّعَامِ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُخْتَصَرٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي "أَوَاخِرِ السِّيرَةِ" فَقَالَ: وَحُدِّثْتُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَسْلَمَ: وَاَللَّهِ يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ كَانَ وَجْهُك أَبْغَضَ الْوُجُوهِ إلَيَّ، فَلَقَدْ أَصْبَحَ الْيَوْمَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إلَيَّ، وَقَالَ فِي الدِّينِ وَالْبَلَدِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ ثُمَامَةُ مُعْتَمِرًا حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ، فَقَالُوا لَهُ: صَبَأْتَ يَا ثُمَامَةُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُ خَيْرَ الدِّينِ، دِينَ مُحَمَّدٍ، وَاَللَّهِ لَا تَصِلُ إلَيْكُمْ حَبَّةٌ مِنْ الْيَمَامَةِ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْيَمَامَةِ، فَمَنَعَ أَهْلَهَا أَنْ يَحْمِلُوا إلَى مَكَّةَ شَيْئًا، فَكَتَبُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنَّك تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّك قَدْ قَطَعْتَ أَرْحَامَنَا، فَكَتَبَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْحَمْلِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي "كِتَابِ الرِّدَّةِ" فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي جهيم عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيِّ بِالْبَحْرَيْنِ، لِلَيَالٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ، مُنْصَرِفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَبُوكَ، وَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا فِيهِ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوك إلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَك مَا تَحْتَ يَدَيْك، وَاعْلَمْ أَنَّ دِينِي سَيَظْهَرُ إلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ"، وَخَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ، وَدَفَعَهُ إلَيْهِ، فَخَرَجَ الْعَلَاءُ فِي نَفَرٍ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ، حَتَّى قَدِمَ عَلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى، فَدَفَعَ إلَيْهِ الْكِتَابَ، فَقَرَأَهُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مَا دَعَا إلَيْهِ حَقٌّ، وَأَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَكْرَمَ مَنْزِلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْعَلَاءُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى مِنْ الْمُنْذِرِ، وَسُرْعَةِ إسْلَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَرْت بِثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ الْحَنَفِيِّ، فَقَالَ: أَنْتَ رَسُولُ مُحَمَّدٍ؟ فَقُلْت: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا تَصِلُ إلَى مُحَمَّدٍ أَبَدًا، وَأَرَادَ قَتْلِي، فَمَنَعَهُ عَمُّهُ عَامِرُ بْنُ سَلَمَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ عَامِرًا، وَأَمْكِنِّي مِنْ ثُمَامَةَ"، فَأَسْلَمَ عَامِرٌ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ كُلَّ مَنْ خَرَجَ إلَى وَجْهٍ، إنْ ظَفِرْت بِثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ فَخُذْهُ، فَخَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةً فِي بَعْثٍ مِنْ الْبُعُوثِ، وَقَدْ أَوْصَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إذَا كَانَ بِبَطْنِ نَخْلٍ إذَا هُمْ بِقَوْمٍ يَصْطَنِعُونَ طَعَامًا، وَفِيهِمْ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ، فَأَخَذَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةً، فَأَوْثَقَهُ فِي جَامِعَةٍ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ أَبِي نَائِلَةَ، وَأَرْبَعَةِ نَفَرٍ مَعَهُ، فَلَمَّا أَتَى بِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهِ فَرُبِطَ إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ وَأَطْلَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَذَهَبَ إلَى حَائِطِ أَبِي طَلْحَةَ فَاغْتَسَلَ، وَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ فَوَقَفَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، وَاَللَّهِ لَقَدْ كُنْت وَمَا وَجْهٌ إلَيَّ أَبْغَضَ مِنْ وَجْهِك، وَلَا دِينٌ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ دِينِك، وَلَا بَلَدٌ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ بَلَدِك، فَلَقَدْ أَصْبَحْت وَمَا وَجْهٌ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ وَجْهِك، وَلَا دِينٌ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ دِينِك، وَلَا بَلَدٌ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ بَلَدِك، وَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ خَرَجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute