للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: وَاَللَّهِ يَا ثُمَامَةُ مَا كُنَّا نَظُنُّ لَوْ أَنَّ حَنِيفَةَ بِأَسْرِهَا تَبِعَتْ مُحَمَّدًا أَنْ تَتْبَعَهُ أَنْتَ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ بُرٌّ، وَلَا تَمْرٌ حَتَّى تُسْلِمُوا، أَوْ يَأْذَنَ فِيهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْيَمَامَةِ، فَحَبَسَ عَنْ قُرَيْشٍ الْمِيرَةَ، حَتَّى جَهَدُوا، فَقَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَأَلَهُ بِالرَّحِمِ إلَّا أَرْسَلْت إلَى ثُمَامَةَ أَنْ يُخَلِّيَ الْحَمْلَ إلَيْنَا، فَإِنَّا قَدْ هَلَكْنَا جوعاً، ففعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا إلَى ثُمَامَةَ أَنْ خَلِّ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَبَيْنَ الْمِيرَةِ، فَلَمَّا جَاءَهُ الْكِتَابُ قَالَ: سَمْعًا وَطَاعَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُخْتَصَرٌ، وَحَدِيثُ ثُمَامَةَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" لَيْسَ فِيهِ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثُمَامَةَ أَنْ يَرُدَّ الْمِيرَةَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، أَخْرَجَاهُ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، الْحَدِيثَ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ ١ فِي "الْمَغَازِي - فِي بَابِ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ"، وَمُسْلِمٌ فِي "بَابِ تَرْكِ الْأَسَارَى وَالْمَنِّ عَلَيْهِمْ" بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ، يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: "مَاذَا عِنْدَك يَا ثُمَامَةُ؟ " قَالَ: خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْت تُرِيدُ الْمَالَ، فَسَلْ تُعْطَ مَا شِئْت، فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِثْلَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُطْلِقَ، فَذَهَبَ ثُمَامَةُ إلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا مُحَمَّدُ وَاَللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ وَجْهِك، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُك أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَيَّ، وَلَا كَانَ دِينٌ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ دِينِك، فَقَدْ أَصْبَحَ دِينُك أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إلَيَّ، وَلَا كَانَ بَلَدٌ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ بَلَدِك، فَأَصْبَحَ بَلَدُك أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَك أَخَذَتْنِي، وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَأَمَرَهُ عليه السلام أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قِيلَ لَهُ: أَصَبَوْت؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاَللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى.

فَصْلٌ

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عليه السلام: "الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ"، قُلْت: احْتَجَّ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: "وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ" عَلَى جَوَازِ أَمَانِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، أَوْ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ لِأَهْلِ مَدِينَةٍ أَوْ حِصْنٍ، وَهُوَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الْجِهَادِ"، وَمُسْلِمٌ


١ ص ٦٢٧، وعند مسلم في "الجهاد - باب ربط الأسير وحبسه وجواز المنّ عليه" ص ٩٣ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>