للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: الْبَيْضَاءُ، قَالَ: فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ عَنْ شِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ، فَقَالَ عليه السلام: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ"؟ قَالَ: نَعَمْ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَلَفْظُهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَالَ: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ "؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "فَلَا إذَنْ"، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ النَّقْلِ عَلَى إمَامَةِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَنَّهُ مُحْكِمٌ لِكُلِّ مَا يَرْوِيهِ فِي الْحَدِيثِ، إذْ لَمْ يُوجَدْ فِي رِوَايَاتِهِ إلَّا الصَّحِيحُ، خُصُوصًا فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالشَّيْخَانِ لَمْ يُخَرِّجَاهُ لِمَا خَشِيَا مِنْ جَهَالَةِ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشٍ، وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا فِي رِوَايَتِهِ إيَّاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَهُمَا، وَسَكَتَ عَنْهُمَا، وَفِي لَفْظِ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ زِيَادَةٌ، وَسَيَأْتِي. قَالَ الْخَطَّابِيَّ: وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إسناد هذا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: زَيْدٌ أَبُو عَيَّاشٍ مَجْهُولٌ، وَمِثْلُ هَذَا الْإِسْنَادِ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ، فَإِنَّ أَبَا عَيَّاشٍ هَذَا مَوْلًى لِبَنِي زُهْرَةَ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، وَهُوَ لَا يَرْوِي عَنْ رَجُلٍ مَتْرُوكِ الْحَدِيثِ بِوَجْهٍ، وَهَذَا مِنْ شَأْنِ مَالِكٍ وَعَادَتِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: زَيْدٌ أَبُو عَيَّاشٍ مَجْهُولٌ، وَكَيْفَ يَكُونُ مَجْهُولًا، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ اثْنَانِ ثِقَتَانِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، وَعِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ: وَهُمَا مِمَّنْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَقَدْ عَرَفَهُ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ، فَالْإِمَامُ مَالِكٌ قَدْ أخرج حديثه في موطأه، مَعَ شِدَّةِ تَحَرِّيهِ فِي الرِّجَالِ، وَنَقْدِهِ، وَتَتَبُّعِهِ لِأَحْوَالِهِمْ، وَالتِّرْمِذِيُّ قَدْ صَحَّحَ حَدِيثَهُ، وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي كِتَابِ الْكُنَى، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ النَّسَائِيّ فِي كِتَابِ الْكُنَى، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي كِتَابِ الْكُنَى، وَذَكَرُوا أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمَا عَلِمْت أَحَدًا ضَعَّفَهُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: زَيْدٌ أَبُو عَيَّاشٍ مَجْهُولٌ، فَإِنْ كَانَ هُوَ لَمْ يَعْرِفْهُ، فَقَدْ عَرَفَهُ١ أَئِمَّةُ النَّقْلِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ سَوَاءً، قُلْت: وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ، فَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى


١ قال الحافظ ابن حجر في التهذيب ص ٤٢٣ ج ٣: زيد بن عياش أبو عياش الزرقي، ويقال: المخزومي مولى بني زهرة، المدني، وقال ابن عبد البر: فقيل: إنه مجهول، وقد قيل: إنه أبو عياش الزرقي، وقال الطحاوي: قيل فيه: أبو عياش الزرقي، وهو محال، لأن أبا عياش الزرقي من جلة الصحابة، لم يدركه ابن يزيد، قلت: وقد فرق الحاكم بين زيد أبي عياش الزرقي الصحابي، وبين زيد أبي عياش الزرقي التابعي، وأما البخاري، فلم يذكر التابعي جملة، بل قال: زيد أبو عياش هو زيد بن الصامت من صغار الصحابة، وقال أبو حنيفة: مجهول، وتعقبه الخطابي، وكذا قال ابن حزم: إنه مجهول، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>