للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي، الْحَدِيثَ، وَسَكَتَ عَنْهُ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ النَّصَارَى بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْحُكْمَيْنِ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ، وَلَوْ قَالَ: أَهْلِ الْكِتَابِ، عِوَضَ: النَّصَارَى، لَكَانَ أَوْلَى، وَمُوَافِقًا لِلْحُكْمَيْنِ، أَعْنِي اتِّحَادَ الْمِلَّةِ وَاخْتِلَافَهَا، هَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ١ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ، بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، انْتَهَى. وَمُجَالِدٌ فِيهِ مَقَالٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّهُمْ إذَا قُبِلُوا عِنْدَ اتِّحَادِ الْمِلَّةِ قُبِلُوا عِنْدَ اخْتِلَافِهَا، لِعَدَمِ الْقَائِلِ بِالْفَصْلِ، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ الْيَهُودُ، عِوَضَ: النَّصَارَى، وَاحْتَجَّ لَهُ مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ، بِحَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْحُدُودِ٢ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: جَاءَتْ الْيَهُودُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْهُمْ زَنَيَا، فَقَالَ: ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ، فَأَتَوْهُ بِابْنَيْ صُورِيَّا، فَنَشَدَهُمَا، كَيْفَ تَجِدَانِ أَمْرَ هَذَيْنِ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَا: نَجِدُ فِيهِمَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا، كَالْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ رُجِمَا، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمَا أَنْ تَرْجُمُوهُمَا؟ قَالَا: ذَهَبَ سُلْطَانُنَا فَكَرِهْنَا الْقَتْلَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْيَهُودِ- قَوْلُهُ: فَدَعَا بِالْيَهُودِ، كَذَا بِخَطِّهِ، وَبِخَطِّهِ فِي الْهَامِشِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ أَرْبَعَةٌ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا، كَالْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ، فَأَمَرَ عليه السلام بِرَجْمِهِمَا، انْتَهَى. هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي نُسْخَةِ عَلَاءِ الدِّينِ بِخَطِّ يَدِهِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَإِنَّمَا هُوَ: فَدَعَا بِالشُّهُودِ، كَشَفْتُهُ مِنْ نَحْوِ عِشْرِينَ نُسْخَةً، وَرَوَاهُ كَذَلِكَ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ، والدارقطني فِي سُنَنِهِ٣ وَكُلُّهُمْ قَالُوا: فَدَعَا بِالشُّهُودِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، تَفَرَّدَ بِهِ مُجَالِدٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْوَصَايَا، وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: فَدَعَا بِالشُّهُودِ، فَشَهِدُوا زِيَادَةٌ فِي الْحَدِيثِ، تَفَرَّدَ بِهَا مُجَالِدٌ، وَلَا يُحْتَجُّ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، انْتَهَى. قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا٤ عَنْ هُشَيْمِ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ بِنَحْوِهِ مُرْسَلًا، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: فَدَعَا بِالشُّهُودِ، فَشَهِدُوا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


١ عند ابن ماجه في الأحكام باب شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض ص ١٧٣.
٢ باب في رجم اليهوديين ص ٢٥٦ ج ٢، وفيه: فدعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشهود، الحديث.
٣ عند الدارقطني في أواخر النذور قبل الرضاع ص ٤٩٦.
٤ عند أبي داود في باب رجم اليهوديين ص ٢٥٦ ج ٢ عن هيثم عن المغيرة عن إبراهيم، والشعبي مرسلاً، وعن هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبي به.

<<  <  ج: ص:  >  >>