للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَتْبَعَهُ الْأَحَادِيثَ بِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، كُلُّهَا فِي الْخَيْلِ، فَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَقْصِدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ سَوْقُ أَخْبَارٍ تَتَضَمَّنُ أَنَّهُ عليه السلام أَخْبَرَ بِمُغَيَّبَاتٍ تكون بَعْدَهُ، فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ حَدِيثُ: الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِيمَا يُورِدُهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُعَلَّقَةِ، وَالْمُرْسَلَةِ، وَالْمُنْقَطِعَةِ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ مَذْهَبَهُ صِحَّتُهَا، بَلْ لَيْسَ هَذَا مَذْهَبَهُ إلَّا فِيمَا يُورِدُهُ بِإِسْنَادٍ مَوْصُولٍ، عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ شَرْطِهِ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إسْنَادَ سُفْيَانَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، وَجَرَى فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ مِنْ قِصَّةِ الدِّينَارِ وَالشَّاةِ، مَا لَيْسَ مِنْ مَقْصُودِهِ، وَلَا عَلَى شَرْطِهِ عَنْ شَبِيبٍ عَنْ الْحَيِّ عَنْ عُرْوَةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قُلْت: وَفَاتَ ابْنَ الْقَطَّانِ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ عَبْدَ الْحَقِّ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فَرَّقَ الْحَدِيثَيْنِ شَطْرَيْنِ، فَذَكَرَ فَصْلَ الْخَيْلِ فِي الْجِهَادِ وَعَزَاهُ لِلصَّحِيحَيْنِ، وَذَكَرَ فَصْلَ الشَّاةِ فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ، وَجَعَلَهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْبُخَارِيِّ، وَهَذَا أَيْضًا خَطَأٌ مِنْهُ، لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ فَصْلَ الشَّاةِ عَلَى شَرْطِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ يَذْكُرَهُ فِي كِتَابِ التَّعَالِيقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: وَرُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام وَكَّلَ بِالتَّزَوُّجِ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، قُلْت: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ فِي النِّكَاحِ١ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ثَنَا ثَابِتٌ حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إلَيْهَا يَخْطُبُهَا، فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ إنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ، وَإِنِّي غَيْرَى، وَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا كَوْنُكِ غَيْرَى، فَسَأَدْعُو اللَّهَ، فَيُذْهِبُ غَيْرَتَكِ، وَأَمَّا كَوْنُك مُصْبِيَةً، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَكْفِيك صِبْيَانَكِ، وَأَمَّا أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَوْلِيَائِكِ لَيْسَ شَاهِدًا فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ لَا شَاهِدٌ وَلَا غَائِبٌ إلَّا سَيَرْضَانِي"، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قُمْ يَا عُمَرُ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو يَعْلَى فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالتِّسْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي فَضَائِلِ أُمِّ سَلَمَةَ٢ وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَاسْمُ ابْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ سَعِيدٌ، وَلَمْ يُسَمِّهِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَسَمَّاهُ غَيْرُهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَهُ


١ باب إنكاح الابن أمه ص ٧٦ ج ٢.
٢ باب ذكر أم المؤمنين أم سلمة ص ١٦ ج ٤، وفي النكاح ص ١٧٨ ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>