للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى. وَعَجِبْت مِنْ عَبْدِ الْحَقِّ كَيْفَ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي النِّكَاحِ، وَعَزَاهُ لِابْنِ سَنْجَرٍ فَقَطْ، وَأَهْمَلَ هَذِهِ الْكُتُبَ جَمِيعَهَا، وَقَالَ: وَابْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ لَا يُعْرَفُ، انْتَهَى. قُلْت: تَقَدَّمَ لِلْحَاكِمِ أَنَّ اسْمَهُ سَعِيدٌ، وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَرِوَايَةُ ثَابِتٍ عَنْهُ تُقَوِّي أَمْرَهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ١ حَدَّثَنِي مَجْمَعُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ أُمَّ سَلَمَةَ إلَى ابْنِهَا عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، فَزَوَّجَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ صَغِيرٌ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ، لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ لَهُ مِنْ الْعُمُرِ يَوْمَ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثُ سِنِينَ، فَكَيْفَ يُقَالُ لِمِثْلِ هَذَا: زَوِّجْ؟ وَبَيَانُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَمَاتَ عليه السلام، وَلِعُمَرَ تِسْعُ سِنِينَ، فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهَا لِعُمَرَ: قُمْ فَزَوِّجْ، عَلَى الْمُدَاعَبَةِ لِلصَّغِيرِ، وَلَوْ صَحَّ أَنَّ الصَّغِيرَ زَوَّجَهَا، فَلِأَنَّهُ عليه السلام لَا يَحْتَاجُ إلَى وَلِيٍّ، لِأَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِكَفَاءَتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ٢ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَمَهْرٍ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. وَأَبُو هَارُونَ فِيهِ مَقَالٌ، وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: قَوْلُهُ: إنَّهُ عليه السلام مَاتَ وَلِعُمَرَ تِسْعُ سِنِينَ بَعِيدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَهُ الْكَلَابَاذِيُّ، وَغَيْرُهُ، فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ: إنَّهُ وُلِدَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ إلَى الْحَبَشَةِ، وَيُقَوِّي هَذَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ عليه السلام: "سَلْ هَذِهِ"، فَأَخْبَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّهُ عليه السلام يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ: "أَمَا وَاَللَّهِ إنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ"، انْتَهَى. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ عُمَرَ كَانَ كَبِيرًا، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ عُمَرَ الْمَقُولَ لَهُ: زَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا رَضِيَتْ، وَالْمُزَوِّجُ لَهَا هُوَ سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَعَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ ابْنَةَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَلَمَةَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، فَمَاتَا قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، فَكَانَ عليه السلام يَقُولُ: "هَلْ حَزِنَتْ سَلَمَةُ"، وَهُوَ كَانَ زَوَّجَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهُ، انتهى. وروى ابن سعيد فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ أُمِّ سَلَمَةَ٣ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ حَبِيبِ


١ قلت: ما وجدت في سنن البيهقي هذا الحديث بهذا السند، وهذا السند وجدته في طبقات ابن سعد في ترجمة أم سلمة.
٢ قلت: سند الحديث عند الدارقطني في النكاح ص ٣٨١ نا ابن أبي داود حدثني عمي نا ابن الأصبهاني نا شريك عن الزهري عن أبي سعيد مرفوعاً.
٣ ص ٦٣ ج ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>