بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قال: في الخطأ أخماساً، فَذَكَرَهُ. وَبِسَنَدِ السُّنَنِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم، والدارقطني، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَيْهِمَا، وَأَطَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْكَلَامَ عَلَيْهِ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، غَيْرُ ثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ بِالسَّنَدِ الصَّحِيحِ عَنْهُ الَّذِي لَا مَطْعَنَ فِيهِ، وَلَا تَأْوِيلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قال: دية الخطأ أخماساً: عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ بَنِي مَخَاضٍ، ثُمَّ أَسْنَدَهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ، فَذَكَرَهُ. وَهَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، ثُمَّ أَسْنَدَهُ كَذَلِكَ، قَالَ: وَأَبُو عُبَيْدَةَ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ أَبِيهِ، وَبِمَذْهَبِهِ، وَبِفُتْيَاهُ مِنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَنُظَرَائِهِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ أَتْقَى لِرَبِّهِ، وَأَشَحُّ عَلَى دِينِهِ مِنْ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا، وَيُفْتِيَ بِخِلَافِهِ، أَلَا تَرَاهُ كَيْفَ فَرِحَ الْفَرَحَ الشَّدِيدَ حِينَ وَافَقَتْ فُتْيَاهُ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ، وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ كَيْفَ يُظَنُّ بِهِ خِلَافُ ذَلِكَ؟ وَمِمَّا يَشْهَدُ لِرِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ مَا رَوَاهُ وَكِيعٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: دِيَةُ الخطأ أخماساً، فَذَكَرَهُ نَحْوُ أَبِي عُبَيْدَةَ، ثُمَّ أَسْنَدَهُ كَذَلِكَ، قَالَ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا إرْسَالٌ يَعْنِي بَيْنَ إبْرَاهِيمَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَلَكِنَّ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَبِرَأْيِهِ، وَبِفُتْيَاهُ، قَدْ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَخْوَالِهِ: عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ يَزِيدَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: إذَا قُلْتُ لَكُمْ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَهُوَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَإِذَا سمعته من رجل سَمَّيْته لَكُمْ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ الْمَرْفُوعَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ بَنِي الْمَخَاضِ لَا نَعْلَمُهُ رَوَاهُ عَنْهُ إلَّا خِشْفَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إلَّا زَيْدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَرْمَلٍ الْجُشَمِيُّ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَا يَحْتَجُّونَ بِخَبَرٍ يَنْفَرِدُ بِرِوَايَتِهِ رَجُلٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ بِالْخَبَرِ إذَا كَانَ رَاوِيهِ عَدْلًا مَشْهُورًا، أَوْ رَجُلًا قَدْ ارْتَفَعَ عَنْهُ اسْمُ الْجَهَالَةِ، فَصَارَ حِينَئِذٍ مَعْرُوفًا، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَانْفَرَدَ بِخَبَرٍ، وَجَبَ التَّوَقُّفُ عَنْ خَبَرِهِ ذَلِكَ، حَتَّى يُوَافِقَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ خَبَرَ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ إلَّا حَجَّاجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute