للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بْنَ أَرْطَاةَ، وَهُوَ رَجُلٌ مَشْهُورٌ بِالتَّدْلِيسِ، وَبِأَنَّهُ يُحَدِّثُ عَمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، قَالَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، فَقَالَ لِي: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ الزُّهْرِيِّ شَيْئًا، وَلَا مِنْ إبْرَاهِيمَ، وَلَا مِنْ الشَّعْبِيِّ، وَلَا مِنْ فُلَانٍ، وَلَا مِنْ فُلَانٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَةَ عَشَرَ، أَوْ بِضْعَةَ عَشَرَ، كُلُّهُمْ قَدْ رَوَى عَنْهُ الْحَجَّاجُ، ثُمَّ زَعَمَ بَعْدَ رِوَايَتِهِ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَلْقَهُمْ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ، وَأَيْضًا فَقَدْ تَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، بَعْدَ أَنْ جَالَسُوهُ وَخَبَرُوهُ، وَكَفَاكَ بِهِمْ عِلْمًا بِالرِّجَالِ وَنُبْلًا.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الثِّقَاتِ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ الْحَجَّاجِ عَلَى اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ، وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَخَالَفَهُمَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، فَرَوَاهُ عَنْ الْحَجَّاجِ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَطَإِ أَخْمَاسًا: عِشْرُونَ جِذَاعًا، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُورًا، فَجَعَلَ مَكَانَ الْحِقَاقِ بَنِي لَبُونٍ، ثُمَّ أَسْنَدَهُ كَذَلِكَ، قَالَ: وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْحَجَّاجِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: بَنِي لَبُونٍ، ثُمَّ أَسْنَدَهُ كَذَلِكَ، قَالَ: وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْحَجَّاجِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ , فَقَالَ: {خُمُسًا جِذَاعًا , خُمُسًا حِقَاقًا , وَخُمُسًا بَنَاتِ لَبُونٍ , وَخُمُسًا بَنَاتِ مَخَاضٍ , وَخُمُسًا بَنِي لَبُونٍ ذُكُورًا} , فَجَعَلَ مَكَانَ بَنِي الْمَخَاضِ بَنِي اللَّبُونِ , مُوَافِقًا لِرِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ , ثُمَّ أَسْنَدَهُ كَذَلِكَ , قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَعَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ كُلُّهُمْ عَنْ الْحَجَّاجِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قال: دية الخطأ أخماساً لَمْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَخْرَجَ رِوَايَاتِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الصَّحِيحَ، لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَهُمْ ثِقَاتٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْحَجَّاجُ رُبَّمَا كَانَ يُفَسِّرُ الْأَخْمَاسَ بِرَأْيِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَدِيثِ، فَيَتَوَهَّمُ السَّامِعُ أَنَّهُ مِنْ الْحَدِيثِ، وَيُقَوِّيهِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَفِظَ عَنْهُ: عِشْرِينَ بَنِي لَبُونٍ، مَكَانَ الْحِقَاقِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ حَفِظَا عَنْهُ: عِشْرِينَ حِقَّةً، مَكَانَ بَنِي لَبُونٍ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ فِي دِيَةِ الْخَطَإِ أَقَاوِيلُ مُخْتَلِفَةٌ، لَا نَعْلَمُ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ ذِكْرُ بَنِي مَخَاضٍ، إلَّا فِي حَدِيثِ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى. وَحَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ كَلَامَ الدَّارَقُطْنِيِّ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: وَيُعَارِضُ قَوْلَ الدَّارَقُطْنِيِّ هَذَا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، فَكَيْفَ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ ذِكْرِ هَذَا، ثُمَّ إنَّمَا حَكَى عَنْهُ فَتْوَاهُ، وَخِشْفٌ رُوِيَ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَتَى كَانَ الْإِنْسَانُ ثِقَةً،

<<  <  ج: ص:  >  >>