هذا، ثم الظاهر من سياق الأحاديث أن الاختلاف في إمامة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والصديق في صلاة واحدة، وأن القصة واحدة، وأن الاختلاف فيها من تصرف الرواة فقط، تعدد خروج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مرض موته أو لم يتعدد، وأن الظاهر من صنيع الشيخين أنهما رجحا إمامة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنهما لم يدخلا في "صحيحهما" من حديث موسى بن أبي عائشة. والأعمش. وعروة، إلا ما فيه إمامة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مع ثقة رواة الخلاف، وأنهم من أشهر رجال الصحيحين، ووجوه الترجيح واضحة، فيما ذكرنا، لا حاجة لنا أن نشتغل بإعادتها، واختيار الشيخين هو المرجح، "وليس وراء عبادان فرية". وأما حملها على تعدد الواقعة، كما حمله ابن حبان. والبيهقي، فهذا بعيد جداً، سواء تعددت الواقعة في نفس الأمر، أم لا، وهذا إنما يحسن إذا اختلفت مخارج الحديث، وأما إذا اتحدت، كما هنا، فهو من تصرف الرواة، قاله الحافظ في "الفتح" ص ٢١٧ ج ١١ لحديث آخر مثله، لأن مخرج حديث زائدة عن موسى بن أبي عائشة متحد مع حديث شعبة عنه، مع ما اتفق على شعبة فيه، وحديث حفص بن غياث. وأبي معاوية. وغيرهما عن الأعمش مع حديث شعبة عنه، مع ما فيه من مظنة التعليق، وحديث هشام بن عروة عن أبيه مع حديث مسعد بن إبراهيم عن عروة، وحديث عاصم ابن أبي النجود عن أبي وائل، مع حديث نعيم عنه، مع ما اختلف عليه، مع أن الظاهر من حديث أنس عند الشيخين أنه عليه السلام لم يخرج يوم الاثنين، إنما كشف الستر وهم في الصلاة، وأشار إلى أبي بكر أن يتقدم وأرخى الحجاب، فلم يقدر عليه، حتى مات، فلو خرج في الركعة الثانية، كما يقوله من يقوله، لقدر عليه أنس. ومن معه من المسلمين، كيف! وقد قدروا عليه، وهم في الصلاة، ولم يمنعهم من النظر إلى وجهه الكريم حرمة الصلاة، فلو خرج ثانياً، وصلى مع المؤمنين ركعة، وقضى ركعة بعد انصرافهم، لكانوا أقدر عليه من المرة الأولى، فحديث أنس ليس فيه إلا السكوت عن الخروج الثاني، بل فيه البيان، بأنه لم يخرج، ولو سكت لكان سكوته بياناً، لأن الواقعة لها شأن، وفي ذكرها تنويه، فلا يسكت عن هذا الحرف من يذكر القصة، إلا لعدم الوقوع، ومثله حديث ابن عباس، عند مسلم في "كشف الستارة" ولم يذكر بإسناد صحيح يحتج به، بأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج يوم الاثنين، وصلى خلف أبي بكر ركعة، إلا ما روى ابن سعد في "طبقاته" في القسم الثاني، من الجزء الثاني ص ٢٠: من حديث عائشة، وفي ص ٢٢: من حديث أم سلمة، وفي ص ٢٣: من حديث أبي سعيد الخدري، كلها من طريق محمد بن عمر،