للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدُّعَاءِ، وَهَذَا أَوْلَى، لِأَنَّ فِيهِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ عَنْ الْقُنُوتِ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ، لَا الَّذِي بَعْدَ الرُّكُوعِ، مَا أَخْبَرَنَا وَأَسْنَدَ مِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ ثَنَا إسْحَاقُ الدِّيرِيُّ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصُّبْحِ بَعْدَ الرُّكُوعِ، يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ الْعَرَبِ، وَكَانَ قُنُوتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَبَعْدَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ، انْتَهَى. وَقَالَ: إسْنَادُهُ مُتَّصِلٌ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، قَالَ فِيهِ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثِقَةٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ ثِقَةٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَأَخْرَجَ حَدِيثَهُ فِي "مُسْنَدِهِ"، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَأَلْته عَنْ الْقُنُوتِ، أَقَبْلَ الرُّكُوعِ، أَوْ بَعْدَهُ؟ فَقَالَ: قَبْلَ الرُّكُوعِ، قَالَ: قُلْت: فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقَالَ: كَذَبُوا، إنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أُنَاسٍ، قَتَلُوا أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ، يُقَالُ لَهُمْ: الْقُرَّاءُ، انْتَهَى. هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ١، وَمُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثِهِمْ: إنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا، أَلَا تَرَاهُ فَصَلَ بَيْنَ الْقُنُوتِ الْمَنْزُولِ. وَالْقُنُوتِ الْمَلْزُومِ، ثُمَّ لَمْ يُطْلِقْ اللَّفْظَ حَتَّى أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ: بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَدَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقُنُوتِ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ عَنْ الدُّعَاءِ عَلَى الْأَعْدَاءِ. قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: ثُمَّ تَرَكَهُ، لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى النَّسْخِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَهُ، وَعَادَ إلَيْهِ قُلْنَا: هَذَا مَدْفُوعٌ بِمَا أَخْبَرَنَا، وَأَسْنَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ من صلاة الصبح بعد ما يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، يَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ، فَمَا عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عَلَى أَحَدٍ بَعْدُ، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَيُؤَكِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ٢. وَمُسْلِمٌ عَنْ سَعِيدٍ. وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ، أَوْ لِأَحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَرُبَّمَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ. وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ. وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ المؤمنين. الله اُشْدُدْ وَطْأَتَك عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، يَجْهَرُ بِذَلِكَ، حَتَّى كَانَ يَقُولُ٣ فِي بَعْضِ صَلَاةِ الْفَجْرِ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا، وَفُلَانًا، لِأَحْيَاءٍ مِنْ الْعَرَبِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {لَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} الْآيَةَ، قَالَ: وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ مُعَاوِيَةَ


١ في "الوتر" ص ١٣٦، ومسلم في: ص ٢٣٧.
٢ في "تفسير آل عمران" ص ٦٥٥، واللفظ له، ولم أر هذا السياق لمسلم، والله أعلم.
٣ في "الصحيح" وكان يقول، بدل: حتى يقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>